الاسرائيلون يصفون يوم الكرامة ب" جهنم " و"الهزيمة النكراء"
” جهنم في الكرامة ” ، ” الهزيمة النكراء ” ، ” اكثر الهزائم الجارحة ” ، ” هزيمة الكرامة ” بهذه الاوصاف ينعت الاسرائيليون هزيمتهم النكراء في معركة الكرامة الخالدة في 21 آذار 1968 التي كتب سطورها بواسل الجيش العربي المصطفوي، باحرف من ذهب بكتاب التاريخ العربي المعاصر .
سميت "الكرامة " لانها اعادت للعرب كرامتهم التي مسها عدوهم الإسرائيلي في هزيمة حزيران 1967، فالاسم لم يأت من فراغ، ويوم الكرامة الذي تصادف ذكراه ال43 اليوم هو اسم على مسمى سيذكره التاريخ العربي ومؤرخيه، ويسجل صفحة بيضاء ناصعة للأردن قيادة وجيشا وشعبا رغم حقد الحاقدين ونكران الناكرين.
يتفق الكثيرون أن مديح الذات والثناء عليها يأتي في اغلب الأحيان من باب المغالاة والكذب والغرور، لكن عندما يأتي هذا الثناء والمديح من العدو وليس الصديق، فهذا بحد ذاته يعتبر شهادة عظيمة ينبغي أن تسجل لصاحبها، فمجرد ان يقر الإسرائيليون بهزيمتهم النكراء في معركة الكرامة فهذا انجاز عظيم من انجازات الوطن ينبغي علينا كأردنيين أن نحافظ عليه ونفاخر به العالم اجمع خصوصا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار البون الشاسع بين إمكانياتنا وقدراتنا العسكرية المتواضعة مقارنة بالترسانة العسكرية الإسرائيلية التي تحوي جميع صنوف السلاح والعتاد .
عند الولوج في شبكة الانترنت والبحث بواسطة محرك” غوغل” باللغة العبرية عن مصطلح” معركة الكرامة ” نجد من الأقوال والشهادات الإسرائيلية بحق جيشنا العربي الأردني و أدائه المشرف ما يجعلنا نفاخر العالم اجمع بجيشنا وقيادتنا وبلدنا، وهي صفحة بيضاء في التاريخ العربي ينبغي للاشقاء العرب ان لا يتناسوها .
الكاتب الإسرائيلي ” افيتار بن تسيدف ” وفي مدونته الالكترونية الشخصية بعنوان ” غلوبال ريبورت ” تظهر مقالة بعنوان ” جهنم في الكرامة ” تداولتها الكثير من المدونات والمواقع الالكترونية الاسرائيلية لما فيها من اعتراف واضح وصريح بأول هزيمة عسكرية يتذوقها الاسرائيليون منذ اغتصابهم لفلسطين في العام 1948 .
يقول بن تسيدف في مقالته ” بعد مرور أربعين عاما على الهزيمة النكراء التي عصفت في الجيش الاسرائيلي في اذار 1968 في معركة الكرامة ، فقد انتهت ( عملية جهنم – وهو الاسم الذي اطلقه جيش العدو حينها على معركة الكرامة ) باقالة الجنرال عوزي ناركيس ، قائد ما يسمى بالمنطقة الوسطى في جيش الاحتلال في حينها والذي تولى قيادة المعركة عن الجانب الاسرائيلي ، دون ان يكون لاسباب اقالته حينها اي صدى يذكر حتى يومنا هذا ” .
ويكتب بن تسديف ان احد الجنود الاسرائيليين الذين شاركوا في معركة الكرامة ويدعى ” بيني ” وهو احد قدامى المقاتلين في سلاح المدرعات الإسرائيلي، قد أنعش ذاكرته بأشياء منسية عندما قال له : " مرت اربعين عاما على هزيمتنا في معركة الكرامة، وهي اكثر الهزائم التي جرحت اسرائيل في الصميم" .
ويضيف بن تسديف ” الهزيمة في الكرامة الحقت باسرائيل ضررا استراتيجيا خطيرا وخلفت ( عشرات ) القتلى والجرحى وبثت الامل في الروح العربية انه بإمكان العرب مواجهة الترسانة العسكرية الاسرائيلية بكل ما تمتلك من قوة لدرجة انه يمكن كسر شوكة هذه الترسانة ودفعها على الخنوع والاستسلام . فقد مهدت معركة الكرامة الطريق امام اندحار "اسرائيل" في حرب الاستنزاف وهو ما نتج عنه بعد ذلك هزيمة الجيش الاسرائيلي في حزب حزيران 1973 ( حرب يوم الغفران عند اليهود ) “.
ويربط الكاتب في مقالته بين هزيمة الجيش الاسرائيلي في معركة الكرامة في اذار 1968 والهزيمة التي لحقت بجيش الاحتلال خلال العدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز 2006 اذ يقول : "هناك خط رهيب ومتصل يربط بين معركة الكرامة و( حرب لبنان الثانية) – مثلما اصطلح الاسرائيليون على تسميتها – ، الا وهو خط المهارة والحرفية التي اظهرها جنود الجيش العربي الاردني قبل اربعين عاما ونيف وكررها لاحقا مقاتلو المقاومة اللبنانية في تموز 2006 عندما دحروا العدو عن ارضهم" .
وما يزيد من طعم مرارة الهزيمة التي ذاقها الاسرائيليون في معركة الكرامة كما يقول الكاتب الاسرائيلي بن تسديف، هو حقيقة أن الجيش الإسرائيلي قد هزم في واحدة من اكبر المعارك التي خاضها في تاريخه بعد أن اعد لها العدة جيدا وخاضها مدعما بفرقة عسكرية بكامل عديدها والويتها مثل لواء المدرعات السابع و لواء المظليين 35 ولوائي احتياط المدرعات ” اغروف” و” روحما 60 ” والمعززة جميعها بقوات من اسلحة المدفعية والهندسة والمشاة والتي كانت تعمل برا تحت غطاء جوي كثيف بحسب الكاتب الإسرائيلي .
موقع الكتروني إسرائيلي أخر يسمى ” حيتسر – ومعناها بالعبرية الباحة ” كتب عن معركة الكرامة ان ما فاجأ الإسرائيليون حينها هو الاداء الناجح للجيش العربي الاردني أثناء سير المعركة ويكتب الموقع ” لقد خطط الجيش الاسرائيلي في المرحلة الاولى للسيطرة على المنطقة الممتدة بين جسر داميا و جسر الأمير عبدالله وشمال البحر الميت ، ثم الزج بقوات برية إسرائيلية الى عمق الاراضي الاردنية للسيطرة على بلدة الكرامة، لكن فشلت جميع مخططات الجيش الاسرائيلي عندما لم يفلح سلاح الهندسة التابع له بمد جسر على نهر الاردن وذلك بسبب القصف المكثف من قبل المدفعية الاردنية التي امطرت قوات العدو بقذائفها" .
ويمضي موقع ” حيتسر ” بالقول انه وبفضل الدفاع الباسل الذي ابداه الجيش الاردني عن ثرى بلاده تبين للقادة الاسرائيليين حجم الورطة الكبيرة التي وضعوا انفسهم فيها في مواجهه الجيش الأردني المنظم فقرر رئيس اركان الجيش الإسرائيلي حينها الجنرال حاييم بارليف سحب القوات الاسرائيلية وأجبرت قوات العدو على التراجع إلى الضفة الغربية من نهر الاردن ونتيجة للمقاومة الشرسة من قبل الجيش الاردني ، فشل جيش العدو ايضا في تنفيذ عملية الانسحاب بشكل منظم حيث تمكنت القوات الأردنية من قطع جميع خطوط الاتصال بين القوات الاسرائيلية المندحرة، وتكبد جيش العدو خسائر فادحة على الرغم من الغطاء الجوي، والتفوق النوعي لسلاح الجو الإسرائيلي الأمر الذي دفع بالجنرال حاييم بارليف وعلى الفور، إلى إقالة قائد الجبهة الإسرائيلية الجنرال عوزي ناركيسن واستبدله بالجنرال يسرائيل طال لقيادة العملية العسكرية الفاشلة في مرحلتها الأخيرة ، مرحلة الانسحاب وجر ذيول الهزيمة، وهذه الحقيقة حول إقالة الجنرال ناركيس واستبداله بالجنرال طال لم تنشر في حينها وجرى التكتم عليها، وحتى يومنا هذا عندما يتم التطرق للحدث بعينه يتم الحديث عنه بضبابية والبوح بأنصاف الحقائق فقط ليس لأي سبب سوى للتستر قدر الإمكان على الكثير من خفايا الهزيمة الإسرائيلية في معركة الكرامة الخالدة .
وبعد عدة اسابيع من انتهاء المعركة جرى تعيين الجنرال رحبعام زئيفي ( غاندي ) خلفا للجنرال ناركيس الذي استقال من الجيش لشغل منصب بارز في الوكالة اليهودية .
ويمضي الموقع الاسرائيليي بالقول ” لقد تبين من معركة الكرامة ان الجيش العربي الاردني يتمتع بدرجة من الكفاءة والتدريب والاقتدار بما يجعله قادرا على مواجهة قوات الجيش الاسرائيلي والوقف امامه في معركة دفاعية ذكية ادارها الجيش الاردني بنجاح كبير واقتدار .
وللوقوف على حجم القوة الجوية التي استخدمها العدو الإسرائيلي في معركة الكرامة لتوفير غطاء جوي لقواته البرية الغازية، يظهر على موقع سلاح الجو الإسرائيلي على الانترنت، أن إسرائيل جندت قوة جوية ضاربة شاركت في العدوان على الأردن، حيث شاركت مقاتلات حربية من أنواع ” فاتوم ” و ” ميستر ” اوريغون ” و” سوبر ميستر” و”ميراج” بالإضافة إلى مروحيات ” اس 58 ” و” سوبر فالون” وجميعها أمريكية وبريطانية وفرنسية الصنع.
وكانت هذه الطائرات ضمن سبعة اسراب لسلاح الجو الاسرائيلي شاركت في المعركة،كانت تحمل الاسماء العبرية التالية : "افيري هتسافون" ومعناه ابطال الشمال، و"هاكناف هامعوفف" ومعناه الجناح الطائر، و"هامصرعاه" ومعناه الدبور، و"هاعكراف " ومعناه العقرب”، و"هاعطليف" ومعناه الوطواط، و"هسيلون هاريشونا" ومعناه النفاثة الاولى و"هاكراف هاريشونا " ومعناه المعركة الاولى ) .
الموقع الالكتروني الخاص برابطة المحاربين القدامى لسلاح المظليين الإسرائيلي كتب موضوعه عن معركة الكرامة الخالدة تحت عنوان” معركة دموية في الكرامة ” سرد فيه ان المدفعية الأردنية أبلت بلاء حسنا خلال المعركة وأفشلت جهود مضنية لإحدى وحدات سلاح الهندسة الإسرائيلي التي كانت تحاول مد جسر فوق جسر الأمير عبدالله لتمكين الدبابات الإسرائيلية من العبور عليه باتجاه الأراضي الأردنية .
ويضيف الموقع أن دبابات ومدفعية الجيش العربي الأردني فاجأت قوة المدرعات الإسرائيلية في المعركة حيث تمكنت من إصابة عدد من الدبابات الإسرائيلية واحرقتها بالكامل كما وأجبرت دبابات إسرائيلية أخرى على الدخول في مناطق مليئة بالطين والوحل مما دفع بالقادة الميدانيين الإسرائيليين إلى طلب الاستغاثة من سلاح الجو الإسرائيلي الذي استدعيت طائراته المقاتلة على عجل للتخفيف عن قواتهم البرية الغازية من لهيب قصف المدفعية ونيران الدبابات الأردنية .
اننا اليوم احوج ما نكون فيه لتذكر بطولاتنا في الماضي في معركة الكرامة وما سبقها من تضحيات سالت بها دماء الشهداء على اسوار القدس وفي باب الواد واللطرون، علها تشحذ فينا الهمم، وتدفعنا للحفاظ على هذا الوطن ومكتسباته وانجازاته، في وقت تعصف به امواج التغيير المنطقة العربية اجمع .