الاصلاح التربوي امال وطموحات
المنتدى العالمي للوسطيه مشكوراً عقد ندوه بعنوان الاصلاح التربوي في الاردن , تحدث فيها عدد من القامات التربويه التي عايشت وقادت مسيرة التربيه والتعليم لعقود , وكان لخبرتهم وميضها في ما قدموه من تصورات وطروحات فيما يتعلق بالنهوض بمسيرة التعليم , وطرح من خلال الاوراق التي قدمت رؤى وتجارب ناجحه لبعض دول العالم التي اصلحت مسيرتها التعليميه , ضمن استراتيجيات وخطط مرحليه مدروسه , جعلت منها وخلال سنوات قليله نماذج تحتذى في الاصلاح والتطور التربوي , مما جعلها في مصاف الدول المتقدمه في العالم , ومن هذه الدول بل وفي مقدمتها ماليزيا, والتي قادها زعيمها مهاتير محمد الى مصاف اوائل الدول تعليمياً واقتصادياً , وفي كافة مناحي الحياة الاخرى .
رجل غير مسيرة بلاده بقيادته الراشده , واستشرافه لمستقبل واعد , من خلال برامج اصلاحيه , وبتعاون الجميع تخطى كل الصعوبات التي كانت تأن منها ماليزيا , حتى باتت أنموذجاً يحتذى .
وبالمقابل عندنا في الاردن ورغم خبراتنا التي نعتز بها ومؤتمراتنا التربويه التي لا تتوقف , تراجعنا تعليمياً بدل ان نتقدم , وكان تراجعاً مخجلاً بحسب التصنيف العالمي والاقليمي , وهذا يستدعي منا جميعاً الوقوف وبمنهجيه تقويميه على واقع مسيرتنا التعليميه , والتعرف على الاسباب التي ادت الى هذا التراجع , بدءاً بالغرفه الصفيه المتمثله
( بالطالب , المعلم , البيئه الماديه والتجهيزات , الادارات المدرسيه , والعمليه الارشاديه ) وانتهاءاً بالمنهاج .
اعتقد ان اهم الاسباب التي ادت الى تدهور وضعنا التعليمي هو تراجع دور المعلم , والسبب اننا نقحم ابنائنا في تخصصات المهن التعليميه , ولتي يضطرون لدراستها بلا رغبه نتيجه لمعدلهم في الثانويه , والذي لم يتح لهم دراسة اي تخصص اخر يرغبونه .
فماذا تتوقع من طالب دخل التخصص عنوه وتخرج منه وهو غير مقتنع به , وفي نهاية المطاف عمل به .
وهذا ينسحب على السواد الاعظم من خريجي المهن التعليميه .
لقد طرح الدكتور زهاء عبيدات ضمن ورقته في الندوه فكره تستحق الاهتمام من اصحاب القرار في التعليم , وتتمثل بأن يتم توجيه ورعاية الطلبه الراغبين في العمل في قطاع التعليم منذ المرحله الثانويه , وذلك بالتعرف على قدراتهم وامكاناتهم وقيمهم المتعلقه برغبتهم العمل في قطاع التدريس وصقلها , وبعد ذلك نستطيع ان نؤهل من هم قادرين على الاستمرار لاكمال دراستهم الجامعيه في التخصصات التعليميه .
وبناء على ما سبق ارى ان يكون هناك امتحان قبول للتخصصات التعليميه في الجامعات , يراعى فيه قياس السمات والقدرات الشخصيه من ميول واتجاهات ورغبات , بألاضافه للامكانات المعرفيه , التي تخول هذا الطالب دخول غمار التخصص بناءً على رغبه حقيقه , تتوافق مع امكاناته وسماته وميوله وقدراته الشخصيه , والتي تؤهله ليكون معلماً يستحق ان يكون نموذجاً حقيقياً للمعلم المثالي الذي نريد .
والسبب الاخر في تراجعنا هي المناهج , والتي باتت بحاجة ماسه الى اعادة النظر فيها لتتماشى مع المستجدات والتطورات المعرفيه , وكانت لي مقاله في هذا الموضوع بعنوان مناهجنا في ظل العولمه .
ومن الاسباب , اساليب التدريس الكلاسيكيه التي تعتمد على التلقين الممل واستخدام الادوات والوسائل التي عفا عليها الزمن , كلها ادت الى نفور طلابنا وقتل دافعيتهم للتعليم وتمردهم على العمليه برمتها .
الحقيقه اننا اساتذه في التنظير , فندواتنا وحواراتنا الاستعراضيه , والتي تنتهي توصياتها الى سلة المهملات لم تعد تجدي نفعاً , اذا استمرت بنفس الاليات .
نحن بحاجه لخطط اصلاحيه اجرائيه تنفيذيه مرحليه , يقوم عليها نفر من المتخصصين , بهدف ردم الهوه , واصلاح ما يمكن البدء بأصلاحه للنهوض بمسيرتنا التعليميه, وهذا لا يتم الا بمشاركة المخلصين المشهود لهم بالنزاهة والاخلاص والخبره والعلم بعيداً عن المنفعيه , والاستعراض والتنظير .
وللامانه ان الخطوات والاجراءات التصحيحيه التي يقودها وزير التربيه والتعليم خطوات راشده على الطريق الصحيح تستحق التقدير .
د. نزار شموط