إلى المعلمين.. لا تستديروا إلى الخلف

 

أفضل ما يقال عن إضراب المعلمين الذي بدأ بالأمس، إنه كان ناجحا من جهة حجمه وشموله للمحافظات، وإنه كان مدويا من جهة توقيته وتأثيره المحتمل.

 

ما يدركه مصطفى الرواشدة ورفاقه، وما نحرضهم عليه، أن فعالية هذه المرة، يجب أن تؤتي أكلها، فالأذن الرسمية مصابة بالصمم، وتسويفها يجب أن لا يبتلعه المعلمون مرة أخرى.

 

من هنا يتوجب على المعلمين نقل مطالبهم المشروعة بالنقابة، من دائرة المطلب السياسي إلى دائرة الإصرار الأيدلوجي، فقد طالت القضية أكثر مما ينبغي، وقد آن أوان حسمها النهائي.

 

المعلمون هذه المرة مصممون على قطف الثمار ورؤية الوعود عيانا، فلا رجعة إلا بالنقابة، ولا نقابة إلا مع شروطها الأربعة التي تحمي المشروع من التفريغ.

 

من ناحية أخرى، تتحمل حكومة معروف البخيت كامل المسؤولية عن هذا التصعيد الذي نراه، فقد انتظر المعلمون الوقت الكافي وأعطوا الفرصة للحكومة، لكن النتيجة كانت صفرية.

 

أزمة المعلمين مع الحكومة، لا بد أن تنتهي بسرعة، فالمتضرر هو الطالب والعملية التعليمية برمتها، لكن هذا لا يعني أن يتراجع المعلمون عن مطالبهم، أو حتى أن يرضوا بوجبة وعود ومسكنات وجولة أخرى.

 

نهاية الأزمة وإغلاق ملفها هو من مسؤولية الحكومة وواجبها، فلا يعقل هذا الجبن الحكومي من إعلان نقابة للمعلمين ونحن في زمن الإصلاح وتلاشي الخطوط الحمراء.

 

لم تكن الحكومة مضطرة إلى وضع نفسها في هذا المأزق، فبعد الإضراب أصبحت طرفا ضعيفا، وصبغتها الإصلاحية لم تعد حقيقية، وعلى ما يبدو أن الحكومة "غايبة طوشة".

 

في المقابل ليس من الحكمة أن تواصل الحكومة تحديها للمعلمين، ولا أن تدخل معهم في حوار، بل عليها أن تسارع بالإعلان عن نقابة للمعلمين، وأن يكون الإعلان متضمنا للشروط التي يتحدث عنها المعلمون.

 

هذه الاستجابة ليست عيبا، ولا مثلبة، بل هي ضرورة مرحلة وخطوة إصلاحية، فالحكمة أن يغلق الملف، لا سيما أن وصفات الأمن مع المعلمين قد فشلت ولم يتبق إلا الاعتراف بحقوقهم.

 

المعلمون لن ينظروا إلى الخلف هذه المرة، فالفرصة مؤكدة وقد لا تتاح بهذا الشكل في أوقات أخرى، لذا يجب على المعلمين التكاتف "فاللقمة وصلت للفم".