التعديلات الدستورية

 

المتخوفون من إجراء تعديلات على الدستور يتحدثون عن حجج ومبررات لا يرتقي أغلبها إلى مستوى الحديث عن مجرد قانون عادي، فما البال والحديث يدور عن أبي القوانين نفسه، وهم أيضاً يرون بثبات معنى المادة الأولى فيه وكأنها مسلمة ذات مغزى واحد، واتجاه لا يقبل التغيير، إذ عبارة «نظام الحكم فيها نيابي ملكي وراثي» مأخوذة برأيهم بمعنى أصم، يعني ثبات الشكل القائم للسلطات، والحقيقة أنها ليست كذلك وإنما تقبل أكثر من معنى وتفسير، وهذا هو جوهر المطالب بإجراء تعديلات دستورية، ليست على مفردات الجملة كما وردت، وإنما نقلها نحو تحديدات جديدة وواضحة، لممارسة الحكم وطبيعة الواجبات والمسؤولية فيه، وآلية توزيعها ديمقراطياً بالانتخاب لمستوى السلطة التنفيذية، وفي إطار قانون للانتخابات النيابية يؤمن مشروعيتها والرقابة عليها وتشكيلها أيضاً، وبتأمين تام لتداولها سلمياً، إلى جانب إنشاء المحكمة الدستورية كضرورة مرجعية لكل السلطات، ورأسها، حتى إن استمر تفسير سلطته على أساس ما هو قائم.

 

التعديلات الدستورية التي استفتي عليها أمس في مصر، أضافت حاجات وضرورات وطنية وحقوقية لممارسة الحكم، وألغت مواد أخرى مقيدة وتعسفية، أبرزها منع تحويل المدنيين إلى محاكم عسكرية، وإذا كانت دولة بحجم مصر قد جنحت لتعديل الدستور، فإن فهم واستيعاب الحاجات يكون لازماً أيضاً لمن شابههم، أو من هو بحاجة أكثر لتطوير نظامه السياسي والوطني.

 

ليس هناك عيباً أو غضاضة من أي نوع في تناول مواد الدستور ومراجعتها، وتطوير ما يحتاجه لضمان حياة صاعدة، خصوصاً أن هناك إجماعاً على النظام الملكي. ولم يقل بتغييره أحد، كذلك ضمان الارتقاء في بناء العدالة وتأمين المشاركة، ومن جهة أخرى إلغاء المقيدات والمعيقات التي تمنع السير للأمام وتبقي صفة التكلس والجمود في محاور بات نقاشها والمطالبة بتعديلها على كل لسان.

 

الإجماع على النظام الملكي ينبغي أن يقابله تحديدات جديدة لمعاني الملكية الدستورية، فلم يعد وارداً بالعالم الجديد شيء اسمه الحكم المطلق لفرد أو جماعة حزبية، وإنما تداول للسلطة كما يحدث في أمريكا وأوروبا وكل دول العالم المتقدمة وليس المتخلفة بأي حل من الأحوال.