ماذا تخبىء الدولة للإسلاميين !
أخبار البلد - سميح المعايطه
القراءة المباشرة لتصريحات الإسلاميين وثنايا بعض اللقاءات الداخلية للجماعة تقول أن قيادة الجماعة أو مراكز النفوذ فيها تعتقد أن العلاقة مع الدولة تسير نحو مزيد من التصعيد، وهذه القناعة يجد أصحابها فيما يجري من اعتقالات أو إحالات للقضاء تعزيزاً لقناعتهم، وأحياناً يغمض بعض أصحاب النفوذ في الجماعة عيونهم عن السياق الخاص لبعض الاعتقالات ويحبون أن يجدوا فيها دليلاً على ما يتبنون من قناعات.
لكن من يعرف البنية الداخلية للجماعة عبر العقود يدرك أن الجماعة ليست معتادة على الصدمات الكبيرة، وعبر تاريخها في الأردن لم تدخل الدولة معها في أي صدام مثلما تعرض اخوانهم في دول أخرى مثل الاعتقالات الجماعية والإعدامات والمحاكمات الجماعية أو حتى الحظر والمطاردة، وأقصى ما جرى في الأردن حالات لم تتجاوز أعداداً محدودة هم جزء من قضية سلاح أو أحداث مثل أحداث اليرموك أو أمثالها، ولهذا فالجماعة من التنظيمات الناعمة التي حتى لو تحمس فيها البعض فإن الكبار يطفئون نارهم، بمن فيهم الكبار الأكثر تشدداً نظرياً فهؤلاء هم الأكثر «حكمة !!» في أوقات الشدة، وهذا يعرفه الخبراء في الجماعة حتى في فترات الثمانينات وهي أكثر السنوات ضيقاً كما يراها البعض.
القراءة التي يتبناها البعض من قيادات الجماعة هي جزء من القراءات الخاطئة التي تتوالى خلال سنوات الربيع، ورغم أن مسار الدولة بقي أردنياً في إدارته لملف الإخوان إلا أنهم مصرون على أن الأردن يستجيب لضغوطات خارجية فيما يتعلق بهم، وهي قراءة سطحية لأن الأردن كما يعلم أهل الخبرة لم يتعرض لأي طلب بشأن الجماعة التي كانت الأقرب لأمريكا في مرحلة المد، ولا يريد الإخوان أن يتوقفوا عند الحقيقة الأهم وهي أن الدولة تتعامل مع الجماعة على ضوء تجربتها معهم خلال سنوات الربيع والحراك، وهي تجربة يعلم الإخوان في داخلهم كيف كانوا يفكرون وأين ذهب بهم الخيال آنذاك وكيف كان التخطيط والترتيب والتنسيق هنا وهناك.
ربما لو وقفت الجماعة عند كل حالة من حالات الإعتقال أو التوقيف أو المحاكمة لعرفت أن الأمر ليس سياق تصعيد، مع الفرق أن الدولة لم تعد تثق بالحديث الجميل لأن الفترات الصعبة كان فيها فعل آخر ومسار نقيض، والأمر ليس ضغوطاً خارجية بل حزم الدولة تجاه التجاوزات، كما أن الدولة لم تعد تجد أصحاب المصداقية ولا القيادات التي تقول في العلن مثل ما تقول وتفعل في السر، هذا إن كان هناك سرية في عمل الجماعة !!.
ستمر السنوات دون أن تجلس الجماعة صادقة مع نفسها لتقيم نفسها وستبقى تفسر كل ما يجري دون أن تحمل نفسها أي مسؤولية، حتى في إدارتها لما تتعرض له مثل محاكمة نائب مراقبها العام فإنها تتعامل وكأنها تنظم مهرجاناً دون أن تدير الملف بأبعاده الحقيقية.
الدولة ليست في مرحلة ضعف حتى تخبىء مسارها وهي التي تعلن للعالم خوضها معارك أصعب، ونهجها مع الإخوان واضح والقانون عنوانه، ولا يمكن تخيل أن الدولة لن تستفيد من تجربة الربيع في ساحتنا أو ما حولها، وستبقى الجماعة تعلن تفسيرات بعيدة عن جوهر معادلة علاقتها بالدولة ودون أن تقرأ الواقع الجديد الذي صنعته بيديها.