ماذا يجري في اليمن ؟


 

يبدو السؤال غريبا لعض الشيء وبخاصة انه يذهب نحو اليمن على وجه الحصر وكأن باقي الدول العربية تعيش حالا من الامن والاستقرار وتسير فيها الديمقراطية على أقدامها وتسود العدالة ربوعها ولا يتم المسّ بدساتيرها وتطبق جميعها مبدأ تكافؤ الفرص وحقوق الانسان وتمكين المرأة, وليس ثمة فساد او افساد او تسّيب فيها, كما تسير عجلة الانتاج وتتراجع نسب الفقر والبطالة والتضخم وخصوصا اسعار السلع الاستهلاكية والمحروقات والخدمات العامة في متناول جميع الفئات وبخاصة الشرائح الفقيرة والمتوسطة, ناهيك عن وجود الرقابة وتطبيق مبادئ المساءلة والمحاسبة وغيرها من آليات العدالة وانفاذ القاتون الضرورية لاي مجتمع حتى يمكن قبول مزاعمه بانه ينتمي الى أسرة الشعوب التي غادرت مربع التخلف والاستعباد والديكتاتورية,فضلا عن وجود مناهج تعليمية عصرية تنمي العقول وتطرح الاسئلة اكثر مما تعطي من أجوبة جاهزة وتفيض من فتاوى وتاريخ تفوح منه رائحة التزوير والافتعال وخطاب يدعو الى العنف والتطرف والكراهية المحمولة على التحريض وشحن الغرائز والمشاعر المذهبية والطائفية والعرقية والجهوية.
ما علينا ,,,,
اليمن...يعيش أوضاعا استثنائية يزيدها ترديا وضعه الجيوسياسي وارتباط صعود أو هزيمة أي قوة من القوى المتصارعة في وعلى ساحاته بمعادلات اقليمية وامتدادات دولية ستكون لها تداعيات خطيرة على اليمن قد تأخذه الى حرب اهلية وفوضى شاملة ,لن يدفع أكلافها من لحمه الحي وما تبقى من ثروات وبنى تحتية مستنزفة سوى فقراء الشعب اليمني وغالبيته المظلومة. عندها سيتساءل اليمنيون عن مصير «ثورتهم» على نظام علي عبدالله صالح الفاسد والمستبد ولماذاولصالح من جرى حرفها عن مسارها الثوري كي تدخل في نفق المساومات والصفقات وبخاصة مع دول اقليمية واخرى دولية؟ ما ادّى الى أتون المواحهات وحفر الخنادق وانهيار «سلطوي كامل؟ نحسب أن الرئيس عبد ربه منصور هادي يتحمّل مسؤولية كبيرة ان لم يكن المسؤول الوحيد عمّا آلت اليه الاوضاع في بلاده نظرا لضعفه وتردده ومراوغته ومحاولاته التى لا تتوقف لشراء الوقت وعدم حسم الامور, على نحو أبعد الكثير من مؤيديه وأسهم في زيادة العزلة الخانقة التي يعيشها وغياب اي دور حقيقي وفاعل له في ما يجري من احداث وتطورات متسارعة وخطيرة وخاصةبعد اعتقال مستشاره «القوي» احمد عوض بن مبارك من قبل الحوثيين.
وبصرف النظر على عملية محاصرة انصار الله (جماعة الحوثي) للقصر الرئاسي الذي يقيم فيه رئيس الوزراء خالد بحّاح وتعرّضه لمحاولة اغتيال في معرض الانقلاب الذي اتُهم الحوثيون القيام به, فان الشروط التي وضعها الحوثيّون لوقف اطلاق النار وعدم المضي قدما في «عمليتهم» اطاحة حكومة خالد البحاح بالقوة لمنعه من تمرير مسودة الدسلور الجديد التي لا يوافقون عليها,تشي بان اليمن بات على مفترق طرق حقيقي فاما تعديل الاتفاقات السابقة وتصحيح الاختلالات بما في ذلك مسودة الدستور الجديد وتحديدا الغاء مادة تقسيم اليمن الى ستة اقاليم فيدرالية,كذلك تصحيح وضع هيئة الرقابة على كتابة الدستور وتوسيع عضوية مجلس الشورى حتى يمكن لاتفاق السلم والشراكة الوطنية ان «يمشي» ويجري تطبيقه.
أين من هنا ؟
لم يعد من الممكن بعد الان الغاء دور الحوثيين او تجاوزه في المشهد اليمني الراهن بعد ان باتوا الطرف الاقوى والقادر على كتابة جدول الاعمال اليمني الجديد وفرض تطبيقه,واذا ما تراجع الرئيس هادي عن مراوغته وعناده وخصوصا في عدم الاصغاء الى «رجاله» في الدائرة الضيقة التي تقدم له استشاراتها (وربما تملي عليه مواقفها) فان الامور مرشحة للتهدئة قليلا ,لكنها لن تنتهي الا بعد ان يُحسم وضع مدينة مأرب وما حولها, حيث يهدد أنصار الله باجتياحها ,فيما يعاند التخالف القبائلي هناك ويرفض تلبية مطالبهم ويصر على وقف انتاج النفط والغاز في المحافظة الاغنى بتروليا وغازيا رغم تلبية مطلبهم بالافراج عن بن عوض.
هل ستكون مأرب فعلا خطا احمر محظور على الحوثيين اجتيازه,على ما قيل ان دولا اقليمية وضعته وحذّرت من تجاوزه؟ أم ان لدى الحوثيين من الاوراق و»القوة»,ما يدفعهم لتجاهل تحذير كهذا؟
.. الانتظار لن يطول لمعرفة الجواب.