خسائر الاقتصاد الوطني جراء العاصفة الثلجية «هدى»


أخبار البلد

يمكن قياس الناتج المحلي الاجمالي لأي دولة  بثلاث طرق رئيسية هي طريقة الانتاج أو القيمة المضافة وطريقة الدخل وطريقة الانفاق. وتُعَرِف طريقة الانتاج الناتج المحلي الاجمالي بأنه مجموع قيم السلع والخدمات النهائية التي ينتجها الاقتصاد خلال فترة زمنية معينة تكون عادة سنة واحدة. أما طريقة الدخل فتعرف إجمالي الدخل المحلي بأنه مجموع دخول عناصر الإنتاج التي ساهمت في العملية الإنتاجية خلال فترة زمنية معينة وتكون عادة أيضا سنة واحدة. أما طريقة الانفاق فتعرف الناتج بأنه مجموع الإنفاق الاستهلاكي الخاص والإنفاق الاستثماري والإنفاق الحكومي وصافي التعامل (الإنفاق) الخارجي في الاقتصاد خلال سنة معينة أيضاً.

وعندما نتحدث عن الخسائر التي تكبدها الاقتصاد فاننا لا نقصد بها حجم الاضرار التي تكبدها الاقتصاد جراء العاصفة الثلجية وانما نعني بها عدد ساعات العمل التي فقدناها نتيجة العاصفة الثلجية والتي انعكست على حجم الانتاج المفقود في الاقتصاد وبالتالي نقص المبيعات والارباح نتيجة تعطل النشاط الاقتصادي بمختلف قطاعاته الانتاجية في القطاعين العام والخاص.

فما هو حجم الخسائر المقدرة للاقتصاد الأردني جراء العاصفة الثلجية «هدى»، اذا علمنا أن عدد الأيام التي تعطلت فيها معظم القطاعات الانتاجية، بشكل كلي أو جزئي، هي أربعة أيام ونصف تقريبا (الأربعاء والخميس والسبت والأحد وثلاث ساعات يوم الأثنين وساعتان يوم الثلاثاء تقريبا)، وإذا علمنا بأنه بالمتوسط يقدر حجم الدخل المحلي الإجمالي اليومي في الاردن بحوالي 68 مليون دينار أردني؟!

 ونعلم ان هناك قطاعات كانت منتجة وباقصى طاقتها في قطاعات المنازل مثل الكهرباء والمياه والاتصالات ولكنها متعطلة في القطاعات الانتاجية كالصناعة والزراعة والتعدين والانشاءات وغيرها. وإن قطاعات أخرى مثل تجارة التجزئة للمشتقات النفطية علاوة على قطاع تجارة وسائل التدفئة والمنتجات الغذائية كانت تعمل باقصى طاقتها ومبيعاتها خلال الايام القليلة التي سبقت العاصفة الثلجية، حيث فاقت المعدلات اليومية المعتادة. كما ان المستشفيات كانت تعمل وان كان بدرجة ليست كاملة . وهنالك قطاعات كانت متعطلة بالكامل مثل منتجو الخدمات الحكومية (باستثناء بعض خدمات وزارة الاشغال والمياه والبلديات) والبنوك وشركات التأمين وحركة النقل البري الداخلي والخارجي وقطاعات الاستيراد والتصدير وجزء كبير من النقل الجوي.

والاهم ان اكثر القطاعات الاقتصادية مساهمة في الناتج المحلي الإجمالي في السنوات الاخيرة مثل الانشاءات والصناعة والزراعة والتعدين (والفنادق والمطاعم إلى حد كبير) كانت متعطلة بالكامل. علاوة على ذلك فان قطاع الزراعة والثروة الحيوانية كان متوقفا إلا من بيع المنتجات الغذائية التي أنتجت قبل العاصفة الثلجية. ونحن نتحدث عن منتجات نهائية في هذين القطاعين. ولا نعلم عن حجم الخسائر في هذين القطاعين الهامين جراء الطقس البارد والصقيع، والتي نأمل أن يتم الاعلان عنها من قبل الجهات المعنية قريباً.

بالطبع لا يمكننا القول بأن الاقتصاد الوطني كان يخسر يوميا 68 مليون دينار وإنما جزءا كبيرا من هذا الرقم. فإذا قدرنا نسبة الخسائر بحوالي 70 إلى 80 بالمئة من متوسط دخل المملكة اليومي (آخذين بنظر الاعتبار تعطيل مدينة العقبة ليومين فقط ) فهذا يعني أن الاقتصاد الأردني قد خسر حوالي 200 الى 240 مليون دينار من ناتجه المحلي الاجمالي السنوي خلال أيام العاصفة الثلجية. وتبقى هذه أرقام تقديرية يمكن التوصل إلى ارقام وتقديرات أدق من الجهات المعنية. ويمكننا تعويض هذه الخسائر بالمزيد من الجهد وعن طريق زيادة الإنتاجية اليومية للعامل والموظف في مختلف القطاعات الإقتصادية لتعويض الأيام والساعات المفقودة من هذا الشهر.

بقي ان نقول أن الرابح الاكبر من هذه العاصفة هو مخزون المياه في المملكة والخاسر الاكبر قد يكون الزراعات الشتوية والتي يمكن تعويض بعضها عن طريق اعادة زراعة بعض المناطق بعد انتهاء فترة الصقيع.

د.عدلي قندح