رغم نجاح الحكومة نحن بحاجة لوزارة طوارئ


لقد مرّ الأردن شعبا وحكومة ومقدّرات في امتحان عظيم الأهميّة في مواجهة ظروف طبيعيّة تعتبر طارئة وقاسية بالنسبة له وتمثلّت في تعرّضه لمنخفض جوي وصف بانه قطبي وعميق استمر لعدّة ايام وتسبّب في انخفاض شديد لدرجات الحرارة وهطول امطار غزيرة وهبوب رياح شديدة السرعة إضافة الى سقوط كميات من الثلج على المرتفعات في مختلف المحافظات وما تبع ذلك من حدوث حالات تجمّد وانجماد على الشوارع والساحات .
ولأوّل مرّة تستعد البلاد لمواجهة تلك الظروف قبل حدوثها وذلك باعتراف الحكومة باهميّة المواجهة فأمرت بتعطيل العمل في البلاد لمدّة ثلاث ايّام وتأجيل الإمتحانات العامّة ومنع الحركة للمركبات مساء تحت طائلة المسؤوليّة وأخّرت بداية العمل للأيام التي تلي رحيل تلك الظروف لساعات الضحى كما اعلن رئيسها انّه سيضع المتقاعسين القادرين عن المساهمة في المشاركة بمواجهة تلك الظروف في القائمة السوداء .
وحيث انّ تلك الظروف قد انتهت واننا ما زلنا في بدايات فصل الشتاء وهناك المزيد من التوقّع بظروف منخفضات اخرى قد تكون اخف او أشد من المنخفض الذي تعرّضت له البلاد مؤخّرا فإنّه من باب الحيطة والسلوك الصحيح الإستفادة من الدروس المستقاة من المنخفض الراحل لنكون على اهبة الإستعداد لمواجهة اي ظروف مشابهة دون عناء حتى تصبح تلك الظروف عاديّة لا تسبّب ارباكا للمواطنين او تغييرا في حياتنا الإعتياديّة او تأثيرا على برامجنا التنمويّة او بيئتنا الحيويّة .
ومن اول هذه الدروس هو أوّلا التنسيق بين الأجهزة العاملة وثانيا التحضيرللموارد البشرية والمصاريف المالية والاليات وثالثا الترتيب للأولويّات الإعلاميّة والمروريّة والتشريعيّة والتموينيّة .
وبشكل عام نجحت الحكومة بنسبة كبيرة في هذه الدروس وظهر ذلك من خلال تحرّك الوزراء المعنيّين بشكل شخصي ومؤسسي وكانوا قدوة لأجهزة وزاراتهم وكذلك تحرّك رؤساء البلديّات المختلفة وكانوا قدوة لموظّفيهم كما استقطبت الحكومة بنجاح كبير جهات اهليّة كثيرة كمتطوّعين على شكل شركات مقاولات او مجموعات اقتصاديّة وماليّة ميسورة واضعين امكانات بشريّة وآليّة وماليّة للمساهمة في مواجهة تلك الظروف .
كما ان الحكومة الاردنيّة تفهمت ان مواجهة اي ظروف صعبة بحاجة الى توسيع المدارك فبينما كانت شركات الكهربا تُمنع من قطع الأشجار المسبِّبة لإنقطاع التيار الكهربائي نتيجة تماسّها مع الأسلاك او سقوطها على الأعمدة حيث كان همّْ وزارة الزراعة فقط جني الغرامات من شركة الكهرباء إن قامت بقطع اي اشجار لأي سبب مما سبّب بإنقطاع الكهرباء عن مواطنين كثر لمدد طويلة في السنوات السابقة وعندما رفعت وزارة الزراعة هذا السيف عن رقاب شركات الكهرباء تميّزت تلك الشركات بسرعة إصلاحها للأعطال وقلّة الإنقطاعات ولفترات بسيطة جدا بل واقامت شركة الكهرباء الأردنيّة مركز اتصال حديث باجهزته وكوادره مما جعلها تتلقّى مئات الألوف من الأتصالات خلال عدة ايّام وتقوم بإصلاح آلآف الأعطال بأزمان قياسيّة .
لا شكّ بأنّ الحكومة الأردنيّة اكتسبت مصداقيّة لدى شعبها بداية من توقّعات دائرة الأرصاد الجويّة وثمّ مبادرة رئيس الحكومة بتعطيل الدوام وبعد ذلك البث الإعلامي التلفزيوني ومحطات الإذاعة الحكوميّة والخاصّة والتي تابعها المواطنون باهتمام .
كما ان غرف الطوارئ بمختلف الجهات العاملة والتنسيق فيما بينها اشعر المواطنون بالراحة والإطمئنان طيلة فترة المنخفض وكان لقوات الجيش العربي والدرك والأمن العام وبشكل خاص طواقم وكوادر الدفاع المدني كل التقدير والإعجاب .
وكان لتعاون الأردنيون مع اجهزة الدولة والجهات المساندة اكبر الأثر في نجاح العمل بالرغم من الكثير من التجاوزات لبعض المواطنين اللذين جعلوا من الغرائز والحاجات الشخصيّة اولويّة تفوق المصلحة العامّة مما اودى بحياة اشخاص وسبّبت ببعض الإرباكات للأجهزة العاملة وتأخير في بعض عمليات الإنقاذ والإصلاح .
وبالرغم من النجاح فلا بدّ ان هناك مناطق عانى الكثير من مواطنيها من الكثير من عدم توفر الخدمات خلال تلك الظروف لذلك يتطلب المزيد من الجهد والتنسيق والتحضير المسبق في الأيام القادمة .
كان هذا المنخفض درسا عمليا للأردن شعبا وحكومة لتحقيق مزيدا من التكامل والنجاح في مواجهة مثل تلك المنخفضات او اشد وتصبح تلك الظروف اعتياديّة تعالج بشكل سريع وبدون هلع او عصبيّة او خوف لذلك وبالرغم من وجود مركز الأمن وإدارة الأزمات التابع لمديرية الأمن العام فإنّه من الضروري إنشاء وزارة للطوارئ تهتم بمختلف الظروف الطارئة المدنيّة والأمنيّة الداخليّة والإقليمية والدوليّة وتعمل على مدار الساعة طوال السنة في اعداد وتطوير التشريعات والتعليمات والخطط والإستراتيجيّات والسياسات والخطط التنفيذيّة وتعمل على تنسيق الجهود وتكاملها وتوفير الإمكانات وترشيدها وا لإتصال مع الهيئات الدوليّة وتعمل على راحة المواطن الأردني والمقيم على ارضه وتساهم في خطط التنمية من خلال مواجهة الكوارث الطبيعيّة وغيرها من الحالات الطارئة ومعالجتها والتعامل مع تداعياتها .
حمى الله الأردن ارضا وشعبا وقيادة وحماه من اي اخطار .
احمد محمود سعيد
13 /1 / 2015