ماهر ابو طير يكتب : ذروة التوتر بين الحكومة وجماعة الإخوان المسلمين
أخبار البلد - في المعلومات ، ان التوتر بين الحكومة وجماعة الاخوان المسلمين ، بلغ ذورته ، خلال الايام القليلة الماضية.
آخر اسرار هذا التوتر ، قيام رئيس مجلس الاعيان بمشاورة شخصيات اسلامية لدخول لجنة الحوار الوطني ، وقد وضعت هذه الشخصيات شروطاً ، ابرزها السماح بمناقشة تعديلات واسعة على الدستور ، فأبلغ المصري الاسلاميين ان تلبية طلباتهم غير ممكن.
الاسلاميون اعتذروا للمصري عن المشاركة ، في مكالمة اجراها القيادي الشيخ حمزة منصور رئيس حزب جبهة العمل الاسلامي.
طاهر المصري ابلغ معروف البخيت باعتذار الاسلاميين ، غير ان البخيت اصر على وضع اسمائهم ، رغم انهم يرفضون الدخول ، لسببين ، الاول انهم قد يغيرون موقفهم لاحقاً ، والثاني لاحراجهم واظهارهم بصورة المستنكف عن هكذا مهمة.
الاسلاميون شعروا بمفاجأة مذهلة امام الاعلان عن اسماء قيادات اسلامية في اللجنة ، وهم من كانوا قد ابلغوا عن الاعتذار مسبقاً ، الا اذا تمت تلبية طلباتهم ، وهكذا اعلنوا عن اجتماعات لتدارس الموقف ، وأشهروا الاعتذار ، بعد ان كان سرياً.
احد الذين شعروا بذات المفاجأة كان رئيس اللجنة ، اي طاهر المصري ، لانه ابلغ معروف البخيت باعتذارهم ، ولم يقتنع المصري بمبررات الزج بهم ، دون رغبتهم ، هذا على الرغم من ايمانه بأهميتهم.
بهذا المعنى ، يكون التحسس بين الحكومة والحركة الاسلامية بلغ درجة عليا ، لانهم لم يوافقوا في البداية ، الا على اساس اشتراطات ، وحين علموا بعدم القدرة على تلبيتها ، اعتذروا ، لكنهم وجدوا انفسهم في اللجنة ، عنوة ، مما جعلهم يحولون الاعتذار ، من مكتوم الى علني.
بهذا المعنى ، اعتبر الاسلاميون طرح اسمائهم ، نوعاً من الاحراج السياسي ، لانهم لم يوافقوا مسبقاً ، وابلغوا قرارهم لمن اتصل بهم.
الرد على هذا الوضع تمثل بانسحاب عضو جديد من اللجنة اي "الجعبري" واحتمال ارسال عبدالهادي الفلاحات الاسلامي بديلا عنه ، يمثل النقابات التزاماً منه بقرار الاخوان المسلمين بمقاطعة اللجنة.
مرجعيات رسمية ترى ان مفردات الحركة الاسلامية كالاشارة الى عصيان مدني ، وهو ما قاله الصديق الشيخ زكي بني ارشيد ، وتلويح الحركة برفع سقف مطالبها ، ورغبة الاسلاميين بوضع كل "الدستور" على مائدة النقاش كلها قضايا مثيرة للتوتر ايضاً.
فوق ذلك ترى هذه المرجعيات ان الاخوان نجحوا الى حد كبير في تفكيك اللجنة ، حجراً تلو حجر ، خصوصاً ، ان شخصية سياسية كالسيد لبيب قمحاوي اخذت في حسابات انسحابه ايضاً ، انسحاب الاسلاميين ، على ما بينهما من اختلاف سياسي ، وفقاً لما رشح من معلومات.
الواضح ان القدرة على الالتقاء بين الحركة الاسلامية والحكومة تراجعت الى حد كبير ، فطلبات الحركة تتصاعد ، والحكومة غير قادرة على تلبية طلباتهم ، وهناك مناكفة علنية وسرية بين الطرفين ، والممانعة سيدة الموقف.
سياسي اردني رفيع المستوى يقول نقلا عن قيادات في جماعة الاخوان انها حسمت امرها بأتجاه الشارع ، وانها تريد الشارع كلياً ، وانها باتت تؤمن بعدم رغبة الحكومة بحل اشكالات شهيرة ، كملف جمعية المركز الاسلامي الخيرية.
فوق ذلك ، يرى الاسلاميون ان المناخ الدولي والاقليمي يساعدهم على رفع مستوى شعاراتهم ومطالبهم ، فيما لا يرون اي افق للوصول معهم الى تسوية سياسة ، او تفاهم في حده الادنى.
مع ما سبق ، تسربت معلومات الى جهات عليا ، ان الحركة الاسلامية رغم عدم اعلانها رسمياً ، الا انها لا تنوي حتى الان المشاركة في الانتخابات البلدية ، واذ ترتاح جهات عدة لهذا التوجه ، الا ان ارتداده سيكون سلبياً على سمعة الانتخابات.
في كل الاتجاهات العلاقة بين جماعة الاخوان المسلمين والحكومة ، دخلت نفقاً حساساً وصعباً وخطيراً ، والمكاسرة بين الطرفين غير محسومة النتائج ، لان الظروف المحلية والدولية والاقليمية ، تجعل اي اتجاه للحسم محفوفا بالخطر ، والمقامرة.
الوصول الى تسوية مع الاخوان المسلمين ، حل وحيد ، فقد كانوا تاريخياً ، طرفا مشروعاً ، محاورته والوصول الى قواسم مشتركة معه ، تنفع ولا تضر ، فيما تشابك المعادلات اليوم ، يؤدي الى اقصائهم الى آخر درجة من درجات اليمين السياسي.
لا الحكومة ولا الاخوان المسلمين ، يقبلان بهبوط اضطراري لطائرتهما ، ولا احد يعرف ايضاً الى اين تذهب الطائرة؟،.