ورطتي في استاد زايد في الامارات
تفلسفت فأدخلت نفسي في ورطة…..!
أبلغني عبد الكريم الكباريتي رئيس الوزراء انني عضو الوفد الرسمي المرافق لجلالة الملك الحسين رحمه الله لزيارة دولة الامارات العربية المتحدة، وبصفتي وزيرا للشباب كان يجدر ان اجهّز المعلومات الكافية عن بطولة كأس اسيا لكرة القدم التي تقام على ارض الامارات ويشارك فيها منتخبها، فلعل الحديث على العشاء الرسمي، بين الزعيمين الكبيرين، يأتي على ذكر هذه البطولة وموقع الامارات وحظوظها في التأهل والفوز في المسابقة فمن المربك والمحرج ان لا يكون عند وزير الشباب والرياضة جواب يتضمن معلومة او رأيا تكون "غب الطلب".
في مطار ماركا علمت ان الاماراتيين طلبوا ان يكون اللقاء الرسمي بين الزعيمين متأخرا نحو ساعتين أي نحو الساعة السابعة مساء، وافق الملك وامر ان يظل الإقلاع الى الامارات في موعده، قلت لمحمد العدوان رئيس التشريفات اظن ان سبب التأخير الذي طلبه الاماراتيون هو مباراة كرة القدم التي تجمع منتخبهم مع المنتخب الكويتي نحو الساعة الثالثة والنصف عصر ذلك اليوم ومن البدهي ان سمو الشيخ زايد حريص على متابعة المباراة إما من الاستاد مباشرة او من قصره عبر التلفزيون. وطلبت ان اذهب من المطار الى الاستاد مباشرة لحضور المباراة على ان التحق بالوفد في الفندق بعد المباراة مباشرة.
وصلنا الى أبو ظبي نحو الساعة الثالثة عصر يوم السبت 1996.12.7 وكانت التشريفات قد رتبت لي التوجه الى استاد مدينة زايد الرياضية حيث اقلتني سيارة كانت تنتظرني في المطار. وصلت قبل موعد صافرة البداية بنحو 5 دقائق وقادني رجل تشريفات اماراتي الى المنصة حيث كان يجلس الصديق الشيخ احمد الفهد السالم الصباح رئيس مؤسسة رعاية الشباب ورئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم.
جلست بين الوفدين الاماراتي والكويتي في مقعد مزود بكل ما يخطر على البال من فاكهة وعصائر ومثلجات ومكسرات وساندويتشات وماء، وما ان اطلق الحكم الاوغندي تشارلز ماسمبي صافرة البداية على الساعة 3:35 حتى ملت على مضيفي الاماراتي وهمست له: ان شاء الله الفوز حليفكم، ان شاء الله وجه الملك الحسين عليكم خير وبركة، رد الرجل: الله كريم، الله كريم، أبو عبد الله وجهه خير وبركة.
كانت الامارات تلعب في المجموعة (أ) مع الكويت وكوريا الجنوبية واندونيسيا وتشكل مباراتها اليوم مع الكويت تحديا مزدوجا فالكويت شقيق منافس في اكثر من إقليم واللعب يتم على ارض الامارات وفريقها يضم نجوما ذهبيين يراهن عليهم للفوز بالبطولة مثل عدنان الطلياني وبخيت سعد.
كسر خاطري، جاسم الهويدي اللاعب الكويتي الشهير، اذ سجّل في مرمى الامارات، بعد مرور 9 دقائق فقط، على بداية الشوط الاول، "سحلت" في المقعد الوثير وانا الوم نفسي لأنني وضعت وجه الملك الحسين "في النص"، صمتُّ صمتَ الأموات واخذت ادعو للامارات ان تخرج متعادلة، جاسم الهويدي، ما غيره، كسر عامودي الفقري في الدقيقة 44 مسجلا هدف الكويت الثاني، لطمت، نعم لطمت، وداهمني خدر وخجل واحسست بـ"سواد الوجه" لانني وضعت اسم ملكي حبيبي في هكذا "ميمعة".
ما ان انتهى الشوط الأول حتى قفزت من مقعدي الى الحمامات حيث اشعلت سيجارة ثم سيجارة ثم سيجارة (كنت ادخن) وبقيت متشاغلا متواريا عن انظار الاماراتيين كانني مطلوب وانا احدث نفسي وافكر في الانسلال الى الفندق دون اشعار احد.
الله يبيض وجهك يا حسن سعيد، فقد سجل بعد مضي 9 دقائق على بدء الشوط الثاني، هدف الامارات الأول، اعتدلت قليلا في المقعد الوثير في استاد زايد، بعد دقيقتين بالتمام والكمال، في الدقيقة 55، رد لي الروح عدنان الطلياني، مسجلا هدف التعادل، اعتدلت "زي الزلم" في المقعد الوثير، وزايلني الخجل والاحساس بسواد الوجه.
في الدقيقة 80 ارسل بخيت سعد قذيفة كرباجية من نصف الملعب، ذكرتني بهدف الكابتن جمال أبو عابد في العراق، دك مرمى الكويت، هدفا ثالثا، جعلني في نشوة، لم اعاين مثلها، الا بعدها بسبعة شهور، عندما دك القناص جريس تادرس، مرمى سوريا في بيروت، بهدف الفوز بالبطولة العربية لكرة القدم.
خرجت من استاد زايد جذلا مصطهجا فقد فزت 2:3، في الفندق لاحظ الكباريتي والدغمي ومروان المعشر امتقاع وجهي واصفراره، سألوني" عسى ما شر، فقصصت عليهم تفاصيل "تفحيطتي".
على العشاء، هنأ الملك الحسين أخاه الشيخ زايد، يرحمهما الله ويحسن اليهما، كان الشيخ الجليل، العظيم بين قادة العرب، منشرحا ومغتبطا ولعله قال لنفسه: وجه "الريّال" علينا زين، وجرت المباحثات كالعسل.
في طائرة العودة همس لي رجل التشريفات الملكية قائلا: سيدنا بده اياك. توجهت معه الى حيث يجلس سيدنا وكان معه الكباريتي ومحمد عفاش العدوان، باغتني الكباريتي: أبو عمر احكي لسيدنا شو صار معك في الاستاد امس. كان قد روى للملك الجليل ما حدثته به، فقصصت على الملك، يرحمه الله، ما جرى، قلت لسيدنا: انحرق دمي لانني وضعت اسم سيدنا "في النص"، ابتسم الملك وقال وهو يمسك بالجانب المضيء من الموضوع: ليش منفعل يا اخي، رهانك زبط ! وأضاف: طلع وجهنا عليهم زين.