إضاءة على رواية " ظالمايا " للعراقي محمد سيف المفتي
اخبار البلد
إضاءة على رواية " ظالمايا " للعراقي محمد سيف المفتي
بقلم : صابرين فرعون
ظالمايا رواية تسلط الضوء على المجتمع الطبقي : ظالمايا العليا وظالمايا السفلى " الرأسمالية , والطبقة الفقيرة الكادحة " تجمع من بين نوعين من الأدب الروائي : الرواية الواقعية التي تعمل على إصلاح المجتمع , والرواية السلوكية التي تسلط الضوء على قيم وأخلاقيات المجتمع .
بحكم عمل الكاتب المفتي الذي أتاح له زيارة كثير من الدول العربية والاطلاع على الأبعاد المجتمعية والعادات والقيم جاءت ظالمايا لتمثل مدن مختلفة في الوطن العربي اتضحت تفاصيلها ومعالمها في الرواية كالموصل وغزة وحلب التي انقسمت ما بين قمة الفقر وقمة الغنى , التطرف و التشدد , لا حال وسط بين النور والعتمة , ندوبٌ على جسد عروبتنا ...
يستخدم أسلوب الاسترجاع الفني حيث يتم سرد الرواية من خلال شخوص ثانويين مثل والد مايكل وأبا مريم المتشرد الذي يعيش على " السريع " نوع من المخدرات لنسيان واقعه المرير في هجرته واغترابه بحثاً عن الغنى ومن خلال شخصية غير ظاهرة تحمل فكر وثقافة الكاتب .. يوضح التغيرات التي طرأت على ظالمايا سواء طبوغرافياً من خلال عوامل الحت والتعرية أو الهجرة بسبب الفقر ..
استغل الطبيعة ووظف عناصر أساسية فيها كأصوات الحيوانات " نقيق الضفادع , وصرصرة الصراصير " وجمال الطبيعة لتلك المدن معتمداً ذاكرته لوصف البساطة التي عاشها العرب قبل وبعد منتصف الثمانينات من القرن الماضي لإدخال القارئ في جو النص من خلال المشاهد الحية .
تحدث عن حياة المجتمعات العربية فيما مضى , وأظهر بساطة العيش وتمسكهم بعادات التحريم والتحليل وظهر ذلك من خلال مشهد دخول التلفاز على ظالمايا وإفتاء الشيخ عبد العليم فيه وتباين مواقف أهل القرية نساءً ورجال وبدء عصر المعرفة , كذلك عادة مقايضة حواضر المنزل بدل النقود كالبيض والدقيق والسمن .
تحدث عن المهاجرين من أوطانهم الذين عاد أغلبهم ليكونوا رأسماليين يوظفون أموالهم في بناء القصور والبيوت التي يظهر عليها الغنى والرخاء الاقتصادي , حتى أنهم زرعوا الأشجار الباسقة دلالة على الفصل الطبقي واعتمدوا في أسلوب معيشتهم وتعاملهم على الماديات والوساطة والمحسوبية .. سكن الأغنياء ظالمايا العليا حيث النظافة والغنى وسكت الفقراء أهل ظالمايا السفلى وقبلوا بالقسمة والنصيب والمكتوب وتسلط الرأسماليين بسبب جهلهم وانعدام ثقافتهم بحقوقهم وواجباتهم .
إدخال شخصية مايكل التي تمثل دور المستشرق من جهة , والعِرق والدم العربي الذي يعود إلى أصول وجذور عربية ودوره وخطته في التغيير والبناء من جهة أخرى يمثل الأمل في التأثير بالمجتمع وتوعيته بما له وما عليه في نهضة ورقي الأمة العربية , كذلك أمه أنيتا التي تعمل في حقوق المرأة والمساواة .
ويوضح الدور السلبي للرأسماليين من خلال شخصية جاسم الذي غاب عن الوطن وعاد ليحقق أمنيات وطموحات أهل القرية ولكن يشاء القدر أن يعود للغربة بسبب انهيار ثروته ويمرض ويقوم أولاده ذووا التربية الأجنبية بحجب وقطع أحلام أهل ظالمايا بعد أن باعوا كل ما يملكون من أجل مكسب أكبر , وهي المشاريع التنموية .
يقارن بين المجتمعات العربية والمجتمعات الغربية من خلال البيئة وأسلوب العيش والثقافة والتعليم والأخلاقيات والقيم المجتمعية .
هناك تأثر واضح بالثقافة الإسلامية من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية .
محمد سيف المفتي روائي عراقي , حاصل على بكالوريوس محاصيل حقلية من كلية الزراعة في جامعة الموصل , انتقل إلى النرويج ودرس الترجمة في جامعة بليندر والمعهد العالي في أوسلو , من إصداراته : رواية " الجمال العربية على الثلوج القطبية " , و رواية " ظالمايا " الصادرة حديثاً عن دار فضاءات للنشر والتوزيع الأردن .