دولة النسور: "نعول على وعي المواطن"
دولة الرئيس وفي الظروف العصيبة يعول على وعي المواطن منطلقا من قناعته بأن الوعي سينعكس واقعا ملموسا. والمناشدة للمواطن والإشادة بوعيه تعني أن هناك وعيا تم الإقرار به من قبل دولته وعلى المواطن تفعيله وترجمته من خلال الإلتزام والتطبيق والسلوك والتعبير بما يخدم الوطن.
طالما دولتك تقر وتشهد بوجود هذا الوعي إذ أن ذلك يعني صوابية التفكير وحسن الفهم وتوفر العقلانية لدى المواطن, فلماذا إذا لم تنسجم قراراتكم مع مصلحة المواطن يهمش هذا المواطن الواعي ويتم تجاوز رأيه وعندها لسان حالكم يقول أن الوعي لا يعرف طريقا للمواطن وتتخذون قراراتكم الموجعة بحقه والتي ألحقت الكثير من الأذى به حتى أفقدتموه شيئا يسمى التفاؤل وصار التشاؤم هو المسيطر؟؟ التذمر والتندر والإنتقاد وعدم الرضا هي السمات التي تغلب على طبيعة الأردني.
الإنتقائية في الحكم "مرة بصل ومرة عسل" على المواطن وتهميشه وتجاهل وعيه في أكثر القرارات الحساسة هي سياسة إلهاء لن تجدي نفعا مع المواطن الأردني. ولدينا العديد من الأمثلة على ذلك نذكر أحدها. ما نراه من الحرب على داعش وموقف الأردنيين منها وانضمام الأردن للتحالف الذي تقوده أمريكا, ترجم المواطن وعيه بعدم صوابية دخول الحرب. لقد كان وما يزال رأي السواد الأعظم يقول بالنأي بأنفسنا عن المبادرة بشن الحرب على داعش "بعقر داره" التي تخدم أمريكا وإسرائيل.
لقد كان البديل تحصين الجبهة الداخلية وتكثيف المراقبة والرصد وإدامة الجاهزية والإستعداد للرد فيما إذا تجرأ داعش وحاول الإعتداء أو اختراق الحدود. عندها كلنا وكعهدنا جيشا ومدنيين متوحدين متراصين للمواجهة. أما والقرار قد اتخذ متجاوزا رأي المواطن الواعي بالذهاب لداخل "أرضه" كما تم الترويج له مرارا وتكرارا وعدم الإنتظار فذلك يعني العمل عل رفع نسبة الإستعداء من قبل داعش مثلما يعني استفزازه واستثارته ليزيد من عدائيته للأردن والأردنيين.
كلنا نعلم دموية وعدوانية وتطرف هذا التنظيم ونعي جيدا ضرورة محاربته ومقاومته وذلك يتأتى من خلال الإستماع لإفرازات وعي المواطن الذي يتفاخر به دولة الرئيس وفريقه. وكما أسلفنا التحصين الداخلي والإنتباه لمن هواهم داعشي ولمن يركبون الموجة هي عوامل تضمن التماسك والتوحد وتبعد التشتت والتشرذم.
والجبهة الداخلية يتم تحصينها من خلال مدى توافقية قرارات الحكومة وانسجامها مع الرأي العام ومدى خدمتها للمواطن والوطن. وبالتالي عند توفر الرضا والقناعة والإقتناع بالخطوات المتخذة تكون سبل النجاح في المهمة أكثر سهولة وأكثر يسرا وضمانا لتحقيق الهدف. بينما عندما يشعر الإنسان أنه مدفوع دفعا بعكس ما يؤمن به وخلافا لاعتقاده يكون الأداء ضعيفا والعطاء متدنيا ودون المستوى المأمول. وهذا يؤدي لأن يصبح تحقيق الهدف غير مضمون لأن المعنويات ليست بالمستوى المطلوب نتيجة وجود خلل بالإيمان بصوابية الإجراء والعمل. وعليه تأتي النتائج بعكس التمني.
لقد كان دولة الرئيس دائم التفاخر بوعي المواطن لكن الإنتقائية تجعل من هذا الوعي لا أهمية له وهو أي دولته سواء يعلم أو لا يعلم فإن التجاهل يخلق مواطنا غير مكترث لما تصنعه حكومته وهي حكومة فاقدة للثقة في المقام الأول.
الإنتقائية التي ينتهجها دولته والتي تارة يكون المواطن واعٍ ومستنير ومتفهم وتارة أخرى ينظر له كقطيع, هي نهج لن يأتي بالمردود الذي يأمل به دولته بل يعمل على تأزيم المناخ العام ويخلق فجوة بين الدولة والنظام وبين المواطن نحذر من نتائجها التي تزيد الإحتقان الذي بدوره ينقلب إلى انفلات يصعب التعامل معه وإيقافه.
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com