الجماعات الاسلامية .. الهدف و الوسائل
الجماعات الاسلامية .. الهدف و الوسائل
تزخر الساحة العالمية اليوم بالعديد من الجماعات الاسلامية ، و يقول البعض أن الحاجة الملحة لاستئناف الحياة الاسلامية هي التي أظهرتها بعد الغياب القسري لدولة الخلافة الاسلامية على يد الاستعمار الصليبي في بداية القرن الماضي ، عدا الجماعة الصوفية التي كانت موجودة سابقا و التي هي على قسمين جهادي و غير جهادي .
ومن هذه الجماعات جماعة الدعوة و التبليغ و حزب التحرير و جماعة الأخوان المسلمين و الجماعة السلفية التي هي أيضا على قسمين سلفية جهادية و أخرى غير جهادية ، و جماعات أخرى متفرعة عن هذه الأصول .
تهدف هذه الجماعات جميعها إلى اصلاح النفس و تزكيتها و استئناف الحياة الاسلامية بتحكيم الكتاب و السنة .
بغض النظر عن كيف تنظر كل جماعة إلى الجماعات الأخرى و ظنها بأنها هي الأفضل أو الأصح أو الأقرب إذ يرى اليعض أن لكل جماعة نصيب قَلّ أو كثر من شرف خدمة الاسلام و المسلمين و خدمة الهدف المرجو .
طوال القرن الماضي وحتى يومنا هذا تعرضت هذه الجماعات لهجوم الاستعمار الصليبي و الصهيونية العالمية ومعها بعض الانظمة العربية كمخطط دائم لإضعافها و تشويه صورتها مرة بالمال و الاغتيال و الحرب الاعلامية و مرة بالحرب البرية و البحرية و الجوية .
بالمناسبة و الشيء بالشيء يذكر، يوجد لدينا في الارياف الاردنية بعض من الاعشاب البرية التي تؤكل مثل الخبّيزة و اللفيتة و الكعوب و غيرها و العجيب أن لكل عشبة من هذه الاعشاب التي تؤكل عشبة أخرى مشابهة لها لكنها لا تؤكل نسميها " ذَرّة الخبّيزة " و" ذَرّة اللفيتة " و " ذَرّة الكعوب " وقد تعني " ضُرّة " وهذه الضُّرات العشبية لا تؤكل و أهل الريف بالخبرة و البديهه يعرفونها .
وعلى تقليد " ذَرّة الخبّيزة " عملت الأنظمة العربية على صنع أحزاب و جماعات موالية لها مشابهه شكلا أو أسما للجماعات الاسلامية الأصيلة للتأثير على الأصل و تشويهه و أحيانا تعمد هذه الانظمة لإدخال عملاء لها في كل حزب أو جماعة من الجماعات الاسلامية الأصيلة وقد يصل إلى مواقع هامة إلى أن تأتيهم الأوامر من أسيادهم للنزول من " العربة " بقصد التخريب و التشويه على غرار قوله تعالى على لسان اهل الكتاب ( آمِنوا بما أُنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا أخره لعلهم يرجعون ) و تفيد أنباء بأنهم قد صنعوا مؤخرا " ذَرّة داعش " وهي الآن في طريقها للعمل في سوريا و العراق .
الجماعات الاسلامية كلها متفقة على الهدف ألا وهو استئناف الحياة الاسلامية بتحكيم الكتاب و السنة غير أنها تختلف بالوسائل التي تتبعها لتحقيق هذا الهدف السامي .
ينظر البعض إلى هذا الاختلاف بأنه فُرقة و تشتيت للجهد و إطالة لأمد الكارثة التي لحقت بالاسلام و المسلمين و دولتهم العالمية ،في حين يرى البعض الآخر أنّ هذا ليس اختلافا بل هو تنوّع ضروري لتغطية العمل في كل المجالات، لأنه ليس بمقدور جماعة واحدة أن تقوم بتغطية كل المجالات بدءاً من الدعوة الفردية ثم تزكية النفس و حتى مقارعة السلاح بالسلاح وبينهما الكثير الكثير من المجالات .
و الحقيقة أنها جهود عظيمة لكل الجماعات الاسلامية لكنها لم تسلم على الدوام من مكر و غدر وحرب أعداء الاسلام و سيستمر الصراع بين الحق و الباطل إلى أن نصل إلى الوعد الإلهي الحتمي بالنصر للاسلام و أهله و التمكين لدولة الاسلام العالمية .
الهدف واحد لكل الجماعات الاسلامية لكن أساليب العمل لتحقيق هذا الهدف مختلفة عند الجميع فمثلا في حين يرى الأخوان و التبليغ و بعض الصوفية أن العمل يجب أن يقتصر على الاساليب السلمية بدءا من اصلاح الفرد و تزكية النفس ثم الأسرة و المجتمع و النصح للحاكم بالموعظة الحسنة و ربما المشاركة بالوسائل الأخرى كالانتخابات و الصناديق للوصول إلى تمكين الاسلام من سدة الحكم .
ترى السلفية الجهادية رأيا آخر بقولهم أن السلطة في هذه الديار هي أصلا للاسلام وقد تم اغتصابها من قبل الاستعمار ويجب أن تعود هذه السلطة للاسلام وحده ولا يجوز أن يتنافس عليها أحد غير المؤمنين بتحكيم الكتاب و السنة أو أن تعود هذه السلطة المغتصبة لأهلها بالقوة أي بالجهاد حسب رأيهم .
تمد الجماعات الجهادية اليوم لسانها إلى الجماعات الاسلامية الأخرى التي رضيت لنفسها السير في طريق الانتخابات و الصناديق فخُدعت وغُلبت و قُهرت و انقلبوا عليها و سلبوها حقها الواضح كالشمس في رابعة النهار، بينما يقيم أصحاب الرأي الجهادي دولتهم اليوم بقوة السلاح في العراق و الشام و يفاخرون بأنهم أقاموا نواة حقهم على بقعة من أرضهم كجزء من سلطة الاسلام المغتصبة .
يبقى الهدف واحد لكل الجماعات الاسلامية ، لكن الوسائل ما زالت مختلفة حتى كتابة هذا المقال ، فهل إلى توحيدها من سبيل ؟ أم أنه يمكن تحقيق الحلم " الهدف " رغم اختلاف الوسائل .
ضيف الله قبيلات