إرتفاع أسعار الكهرباء ... باطل يراد به حق
أحدث قرار الحكومة في الآونة الأخيرة برفع أسعار الكهرباء مع بداية عام 2015 ضجة كبيرة في الأوساط الشعبية والرسمية، وأثار العديد من الحوارات وفتح الباب على كثير من التساؤلات حول حقيقة هذا الموضوع ومدى ضرورته.
في البداية لا بد من التوضيح بأن قرار الحكومة برفع اسعار الكهرباء ليس بالجديد، وإنما تم إتخاذه منذ العام 2013 من خلال خطة خماسية تهدف الى رفع اسعار الكهرباء وحظي هذا القرار بمباركة مجلس النواب في ذلك الحين.
وما يمارسه النواب اليوم من تمثيل على المواطن الأردني من خلال وقوفهم ضد قرار رفع اسعار الكهرباء والتهديد بالإستقالة أو بسحب الثقة من الحكومة؛ ما هو إالا زوبعة في فنجان بهدف زيادة مستوى شعبية النائب والتروج لحملته الإنتخابية القادمة، فإذا كنت عزيزي النائب الكريم ضد قرار رفع أسعار الكهرباء لماذا وافقت عليه منذ البداية وباركته؟ ولماذا لم تهدد بحجب الثقة عن الحكومة أو الإستقالة في ذلك الوقت؟؟؟
أما الخطة الخماسية؛ فهي جزء من الخطة الكلية التي تعمل الحكومة وفقها من أجل النهوض بقطاع الطاقة، وتستمر مدتها خمس سنوات بدءً من العام 2013 ولغاية 2017، أي أن مسلسل رفع أسعار الكهرباء سوف يتكرر مع بداية عام 2016 وكذلك بداية عام 2017.
وأصبح الكثير من عموم الأردنيين على دراية تامة بالخسائر التي منيت بها شركة الكهرباء الوطنية نتيجة إرتفاع تكلفة الطاقة الكهربائية المولدة وثبات سعر الطاقة المباعة، والتي نتجت من إنقطاع الغاز المصري بالدرجة الاولى وإرتفاع أسعار النفط بالدرجة الثانية وسياسات الحكومات السابقة الخاطئة في قطاع الكهرباء.
وتأتي الزيادة على أسعار الكهرباء لسببين رئيسين؛ الأول هو وقف نزيف الخسائر لدى شركة الكهرباء الوطنية والسبب الثاني هو تعويض جزء من الخسائر التراكمية للسنوات السابقة من 2011 ولغاية 2014.
ويعتبر المعترضون على رفع أسعار الكهرباء إنخفاض اسعار النفط عالمياً مبرراً كافياً لتجنب رفع أسعار الكهرباء، مع العلم بأن كلفة إنتاج الكهرباء عبر الوقود الثقيل والسولار في ظل الأسعار الحالية للنفط لا يزال يفوق ثمن بيعه لشركات التوزيع التي تحافظ على هامش لا بأس به من الربح.
وكان رفع أسعار الكهرباء من خلال الخطة الخماسية منطقياً بعض الشيء، إذا تم رفع أسعار الكهرباء على الفئات العليا ولم يمس الإرتفاع الطبقات الفقيرة والمستهلكين من الفئات الدنيا لغاية 600 كيلو واط شهرياً، وهو محاولة جيدة لموازنة إستهلاك الطاقة.
وجاءت سياسة الحكومة هذه المرة برفع أسعار الكهرباء والذي نعتبره باطلاً ويحاول تعويض الخسائر من جيوب الأردنيين، وأرادوا به الحق من خلال دفع المستهلكين الكبار للطاقة الكهربائية بإتجاه محاولة تقليل إستهلاكهم للطاقة وترشيده من ناحية، ومن ناحية أخرى دفعهم بإتجاه الإعتماد على مصادر الطاقة المتجددة وتركيب أنظمة التوليد الخاصة من خلال الطاقة الشمسية.
أما المشتركين الصناعيين، فلقد لحقهم جانب من إرتفاع أسعار الكهرباء وتسبب بتقليل هامش الأرباح وهو السبب ذاته وراء ثورة عدد من النواب بصفتهم مستثمرين ومتضررين جراء هذا الإرتفاع.
ولكن الحل لهؤلاء واضح ولا يحتاج الى كثير من التفكير،فبأمكانهم اللجوء الى ترشيد الإستهلاك في مصانعهم ومؤسساتهم أو تركيب أنظمة توليد الطاقة الكهربائية عبر الطاقة الشمسية وإعتباره كنوع من أنواع الإستثمار بقصد تقليل كلف الإنتاج وزيادة هامش الربح.
وتجدر الإشارة هنا الى الإنخفاض الكبير بأسعار هذه الأنظمة بحيث أصبحت في متناول الأيدي ومجدية جداً بحيث يسترد المستثمر ثمنها في فترة تتراوح بين ثلاث الى خمس سنوات فقط، بالإضافة الى تواجد الخبرات والكفاءات الأردنية في هذا المجال، وكذلك إرتفاع كفاءة هذه الأنظمة وقدرتها على توليد الطاقة الكهربائية بكميات كبيرة نسبياً تتماشى مع حجم الإستهلاك للمصانع والمنازل والمساجد والجمعيات وغيرها.