واسلاماه انته الربيع

تعالوا معي لنرى اليوم كيف يحمل الربيع حقائبه التي امتلأت بقصص الخيانات وقصص الغدر وطعن المسلم للمسلم وهدم بيته وبقر بطنه متناسيا قول الرسول دم اخيك المسلم وعرضه وماله حرام علبليك كحرمه سنتكم هذه وشهكم هذا ويومكم هذا تعالوا لتروا كيف امتلأت عرباته بجثث اطفال وصبايا وشيوخ المدن والقرى البريئه التي استشهدت.. وكيف سيحمل هذا الربيع فيما يحمل من حطام ما تبقى من العرب والمسلمين ومثقفيهم وعتاولة العلمانية.. مثلما سيصطحب معه قواميس السباب والشتائم والبذاءة والقبح واستعذاب العبودية وصناديقه الكبيرة المملؤه مما سرقه من أمان وحب بين الناس وبراءة.. وما نهبه وسلبه من تسامح ورحمة ومودة.. وعرباته التي تستعد للفرار لوجدتموها مثقلة بالأجنحة المتكسرة للعرب وجيوش العرب.. صناديق الربيع مليئة أيضا بعباءات الصحابة وجثامينهم المنبوشة من القبور وأوليائهم وعمائمهم.. وآخرها عمامة خالد بن الوليد التي باعها ثوار سورية مقابل حفنة صواريخ وقواذف.. عمامة سيف الله المسلول تهدى لعدو الله.. ياالله
ولنرى كيف يلملم الربيع العربي اليوم طرائده العربية ويعيد الكلاب الشرسه الجوعى التي أطلقها إلى أقفاصها من أمراء مزعزمين ومفكرين عربا وإخوان ومشايخ ووعاظ.. فقد أدى الربيع مهمته في تلقيح أرحام العقول ببذور الصهيونية الإسلامية.. وحصاده من الجماجم وفير، وغلته من العقول المسلوقة بالكذب كبيرة..
والمفجع والمبكي أن الإسلام السياسي الذي كان ينتظره الملايين كنقيض رئيسي للمشروع الصهيوني تصرف بطريقة مثيرة للتعجب والاستغراب تشير بقوة إلى فكر إسلامي متهوّد.. فالقول بأن إسرائيل مشروع دولة دينية يهودية لن تقدر على مواجهته إلا دولة دينية إسلامية كان منطقيا لولا أن ما جاء به الربيع يظهر بشكل لا لبس فيه أن الدولة الإسلامية الدينية المفترضة بدأت مصالحة تاريخية مع الدولة الدينية اليهودية وتكاملا معها وعملية مراجعة للعقيدة الإسلامية.. والاعتذار عن غزوة خيبر.. وإطلاق الإسلام الصهيوني..
ثم كان تحرر الإخوان المسلمين المصريين من كل تعهداتهم القديمة بشأن الصراع مع المشروع الصهيوني والانتقال إلى التعبير العلني عن مرحلة جديدة من تحطيم القوالب القديمة البروتوكولية الإسلامية وإطلاق صفة الصداقة العظيمة على علاقة الإسلاميين الجديدة بالدولة الصهيونية في عبارة رمزية أرسلها محمد مرسي إلى بيريز أعلنت بطريقة مقصودة ومتفق عليها بين الطرفين وقد صيغت بعناية وتوقيت مناسب.. وأعلنت دون حرج ودون إبداء احتجاج على إفشائها.. أنها استهلت عملية كسر الحاجز النفسي الإسلامي اليهودي (الصهيوني)..لأول مرة منذ 15 قرنا..و تم نبش النزاع السني الشيعي كبديل مناسب للصراع والتناقض الديني التقليدي مع المسيحية واليهودية وهو صراع ديني سيبرر تحالفا دينينا إسلاميا يهوديا.
كانت ومازالت التيارات الإسلامية من مختلف النكهات والمذاقات تتجه حثيثا لإغلاق ملف العداء مع الصهيوينة والمصالحة العقائدية اليهودية الإسلامية وإغلاق ملف فلسطين.. وإذا تمت هذه المصالحة النفسية والعقائدية فإن التحضير النفسي لعملية هدم المسجد الأقصى
ليس عرض هذا الرأي لرفضه ولا لإدانته ولا لتأييده فهذا نقاش يدخل فيه أصحاب الشأن الديني.. لكنه مثال على جاهزية الجيل الجديد من الإسلاميين على التخلص من الموروث التقليدي وهدم الأضرحة والرموز وتحطيم المقدسات ورمي الأثقال والمراسي التراثية عن الكواهل..
وسنجد في منطق الإسلام السياسي كيف يتخبط منظرو القاعدة والإسلام الجديد الصهيوني في محاولة الالتفاف على قرون من الممارسة الإسلامية التقليدية والتراث الديني العتيق..
كل ما كان يعيبه الإسلاميون على الأنظمة التي عارضوها في مصر في ليبيا في سوريه في العراق في تونس ، سارعوا فور عودتهم إلى الحياة السياسية إلى تطبيقه قولا وعملا وممارسه
فالقضية الفلسطينية التي كانت أهم قضية بنى عليها الإسلاميون معارضتهم للأنظمة، كانت أول قضية ضحى بها إخوان مصر لما تولوا سدة الحكم، وإسرائيل التي كانت عدوهم الأول الذي شحنوا بكرهها صدور الملايين من الشباب العربي، وقتلوا بسبب التقارب منها الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، أعطاها مرسي وحكم الإخوان الأمن والأمان، وكانت أول صفقة يعقدونها مع البيت الأبيض هي حماية أمن إسرائيل، والحفاظ على اتفاقيات كامب ديفيد. ولم يغادر السفير الإسرائيلي القاهرة تحت هتافات الله أكبر مثلما كان متوقعاً، ولم يفجر أنبوب الغاز الرابط بين مصر وإسرائيل منذ مجيء مرسي، مع أنه كان هدف غضب الإخوان طوال السنوات الفارطة، بل أكثر من ذلك كشفت الصحافة الإسرائيلية منذ فترة أن مكاسبها في عهد مرسي أهم منها في عهد مبارك، فمرسي سمح لها بالتنصت على طول الحدود بين البلدين.
كان نظام مرسي مستعداً لبيع سيناء إلى أمريكا لتكون وطناً مع غزة للفلسطينيين في القطاع بزعامة الحركة الإخوانية الأخرى التي تعيش هذه الأيام منذ الانقلاب على مرسي أسوأ مراحلها التاريخية، بل أيضاً كان الرئيس الإخواني مستعداً لبيع منشأة سيادية كلفت المصريين الكثير من الدم، لما كان بصدد بيعها إلى قطر، ويرهن بذلك استقلالية القرار المصري، ومصدر هام للدخل القومي
نعم ان الإسلاميون تنصلوا إلى الأبد من مقولتهم العدو الأمريكي والشيطان الأكبر الوصف الذي ألصقه نضراؤهم الإيرانيون بأمريكا. فالعمالة لأمريكا لم تعد شتيمة، مثلما كانوا يعيبون بها على الأنظمة، بل صارت ضماناً لوصولهم إلى الحكم والاستمرار فيه إلى الأبد، ونسوا أن لأمريكا مصالح تجبرها على تغيير التحالفات وفقها، وقد دعمت الإخوان وراهنت عليهم في التغيير، لما كانت مصالحها معهم، ولما أقسموا بأغلظ الأيمان لصيانتها، وخير دليل على هذه الخيانة، هو ما قالته شقيقة المعزول، لما استعطفت منذ أيام الصحافة الأجنبية من على منصة "رابعة"، أن مرسي لن يعود إلى الحكم دون مساعدتكم، وربما هذا ما كان يعطي مرسي قوة ويدوس على معارضيه ولا يأبه بمطالبهم وتحذيرات الجيش له، وهو أنه مدعوماً من أمريكا التي أمرت بفض الخلاف على نتائج الانتخابات لصالحه، وظن أن لا شيء ولا قوة تزعزعه وتنزله من على عرش الخلافة، ما دامت أمريكا تسند ظهره!!.