لنتحرر من الإستغلال الأمريكي
لنتحرّر من الإستغلال الأمريكي
قبل وبعد منتصف القرن الماضي بقليل تحرّرت معظم الشعوب العربية من سيطرة الدول الإستعماريّة البريطانيّة والفرنسيّة والإيطاليّة وغيرها بعد ان نهبت خيراتها وجهّلت شعوبها وبدّلت ثقافاتها وحاولت التأثير على عقيدتها وسلّمت بعض اراضيها للغير ولكن في النهاية وبسبب وجود رجال وطنيّون شرفاء مخلصون لعروبتهم ولتراب ارضهم استطاعوا تخليص بلدانهم من قبضة المستعمر وسقط من اجل ذلك مئات الألوف من الشهداء والجرحى .
ولكن بعد ذلك حيث تبيّن للدول الإستعماريّة عدم جدوى استعمار الدول وشعوبها اتجهت بريطانيا لتشكيل جماعة دول الكمنولث واتجهت فرنسا الى تشكيل مجموعة الدول الفركنفونيّة وقد اتخذت الدول الإستعماريّة شكل الهيمنة الإقتصاديّة تحت غطاء المنح والقروض والمساعدات وبقي هذا الشكل من الهيمنة سائدا حتّى الآن .
ولكن مع ظهور وقوّة العصابات الصهيونيّة المسلّحة وبعد ان اخذت وعد بلفور من بريطانيا لإنشاء وطن قومي لليهود بارض فلسطين لجأت للولايات المتّحدة الأمريكيّة باعتبار وجود مجموعة كبيرة من اليهود فيها حيث اصبحت اسرائيل تلعب على مثلث رأسه امريكا وقاعدته بريطاني صاحبة الوعد والمانيا صاحبة المحرقة .
وهكذا بريطانيا وهبتها الارض والمانيا دفعت الفلوس وأمريكا منحتها الدعم والتأييد والفيتو .
وهكذا كان التأييد والدعم والفيتو على حساب الشعوب العربيّة وخاصّة الفلسطينيّون ومنذ ستّينات القرن الماضي بدأت امريكا بالتغلغل في العالم العربي فكان وزير خارجيّتها روجرز اوّل القادمين الأشرار لمنطقتنا حيث كانت امريكا قد بدأت نسج خيوطها حول الزعماء العرب حسب خطّة صهيونيّة حيكت بإحكام متخذة كل الظروف والبدائل والاشخاص والشعوب والثروات بعين الإعتبار .
وهكذا استبدلت الشعوب العربية الإستعمار الأوروبي بالإستغلال الأمريكي وكان هذا اقسى وأدهى وأمرّْ ,ونتيجة هذا الإستغلال توالت هزائم العرب وانتكاسات المسلمين وتم إفقار الشعوب بالرغم من وفرة الثروات ودُمّرت القيم وسادت التفرقة وخنعت الشعوب لحكّامها وسادت مظاهر الفساد والرشوة والدكتاتوريّة والشلليّة والطائفيّة والمحسوبيّة والغي الجهاد وغابت كلمة الحق عند سلطان جائر وعمّ النفاق الدروب والحقد والحسد الخطوب واصبحت الأنانيّة هي الأساس والأمانة والحريّة هي المداس وبالرغم من انّ كل ذلك كان وما يزال بتخطيط مسبق من الصهيونيّة والإستغلال الأمريكي إلاّ ان الضعف والهوان والتمزُّق العربي كان وما يزال هو القاعدة الخصبة لذلك , إضافة الى الولاء المطلق لبعض الحكّام العرب للإدارة الأمريكيّة ايّا كانت والرئيس الأمريكي مهما كان لونه او حزبه .
وكما يضع الأمريكان حكّاما على الشعوب العربيّة وتصفِّق لهم شعوبهم فإن الأمريكان ينهون هؤلاء الحكام بعد انتهاء مهمتهم وتحت تصفيق نفس الأيدي وبقناعة شعوبهم اي اصبح الزعيم القادم بإرادة امريكيّة والذاهب ايضا بإرادة امريكيّة والمنفِّذ هو الشعب نفسه فهل هناك ابشع من هكذا إستغلال , وفي كل فعل او رد فعل امريكي هناك إستجداء أمريكا لتساعدهم بإعتبارها اكبر بوق للديموقراطيّة والحريّة وحماية حقوق الإنسان لكي تضغط على اسرائيل بقبول مبادرة تنهي الإحتلال الإسرائيلي للجزء المحتل قبل سبعة واربعين عاما وحسب مبادرات امريكية سابقة وهو حل الدولتين على ان تنعم اسرائيل بجميع الارض التي احتلتها قبل ستّة وستّون عاما على ان يضمن العرب امنها ونفتح لها مجالات التبادل التجاري والدبلوماسي على اوسع باب ولكن بعد استشارة الإدارة الأمريكيّة للأوغاد الصهاينة المتطرّفين الإسرائيليّين الذين يحكمون الشعب الإسرائيلي لم يفلحوا بذلك وارغموا العرب على تعديل القرار المقدّم لمجلس الأمن بواسطة الأردن العضو غير الدائم في مجلس الأمن لمصلحة الإسرائيليّين وخاصّة بالقبول ان تكون القدس عاصمة لدولتين هما اسرائيل وفلسطين اي القبول بسلطة اسرائيليّة على القدس الشرقيّة بما فيها المقدسات المقدسيّة وبالرغم من ان القرار لم يحظى بالقبول من العدد الكافي وهو تسعة اعضاء إلاّ ان الحقد الأمريكي للشعوب العربيّة أبى إلاّ ان يطفوا وتستعمل امريكا الفيتو (حق النقض) انصياعا لأوامر تل ابيب التي تمسك برسن الرئيس الأمريكي الذي لم يأخذ اي إعتبار لمن يدّعي انهم اصدقاؤه من الزعماء العرب فهل هناك احقر واحقد من ذاك التصرّف فماذا نحن فاعلون .
لقد جاء دور الشعوب العربيّة ان تقف وقفة رجل واحد ضدّ مواقف الإدارة الأمريكيّة وان لا نطلب او نتوقّع من الحكّام ان يقفوا ضد تلك الإدارة بحكم علاقات المجاملة والود والدبلوماسيّة بينهم وانّما نبدأ بمقاطعة المنتوجات الأمريكيّة التي تملأ الأسواق العربيّة ونقوم بحملات توعية مكثفة لحث المواطنين وخاصّة الأطفال وربّات البيوت واستبدال المنتجات الأمريكيّة مثل المواد الغذائية والأجهزة الإلكترونية والسيارات والمعدّات وغيرها بمتجات بديلة من دول اوروبيّة يمكن اعتبارها صديقة للعرب وحيث ان المهلة التي اعطاها العرب في القرار المرفوض لإنهاء الإحتلال حتّى نهاية العام بعد القادم فإنّ المقاطعة لمدّة ثلاث سنوات للمنتجات الأمريكيّة ستجلبتغييرا في السياسة الأمريكيّة الظالمة والحاقدة والمنحازة كليّا لإسرائيل وسيطيب لأوروبا مقاطعتنا لمنتجات امريكا لأن البديل سيكون منتجاتهم وقد تعمل تلك الدول على تعويضنا عن المنح الأمريكيّة مساهمة منها في تحمّل موازنة الدول لأيِّ عجز ينجم عن ذلك اضافة الى الترشيد وصبر الشعوب وتحمُّلها الصعوبات حتى تستجيب الحكومات للوقوف مع شعوبها في السنين العجاف لا سمح الله وعندها نكون قد تحرّرتا من الإستغلال الأمريكي وحصلنا على إستقلالنا الحقيقي ونكون وحكّامنا صفّا واحدا في الدفاع عن حقوقنا وسيادتنا .
حمى الله الاردن ارضا وشعبا وقيادة ووهبه الرشاد والصلاح .
احمد محمود سعيد
1 / 1 / 2015