سنة جديدة.. استعدوا
كاد الأردنيون أن يكملوا سنة 2014 عند نفس المستوى المستقر من التحديات. لكن حادثة الطيار معاذ الكساسبة هوت بكل المؤشرات، وأربكت الحسابات للعام الجديد.
قبل صدمة الحادثة، كان الموقف الأردني المتصدر قد سجل ذروة حضوره ونشاطه الدولي والإقليمي، وبلغ مرتبة متقدمة من الثقة والتحدي في مواجهة المخاطر من حوله.
ما هي التداعيات المحتملة لهذا التطور على مقاربات الأردن الإقليمية، وتحالفاته؟ هل يستمر الأردن في قيادة جهود مكافحة التطرف بنفس الزخم، وبالروح التعبوية ذاتها؟ على أي وجه يستقر الجدل الداخلي حول مقولة "حربنا"؟
هذه مجرد عينة على حزمة كبيرة من الأسئلة التي يتعين على مؤسسات الدولة الخوض فيها في مستهل العام الجديد، والاستعداد لتقديم أجوبة أكثر عمقا وقبولا بشأنها.
وثمة حاجة ملحة في هذه الأيام الصعبة لتطوير مقاربة خلاقة لإدارة لعبة الوقت مع "داعش"؛ إعلاميا وسياسيا، لكسب الرأي العام، وضمان استمرار حالة التضامن الشعبي مع الطيار الشجاع، وأهله، ومجتمعه.
إن نجاحنا في هذا المضمار سيجعلنا مؤهلين للتعامل مع مختلف التطورات المحتملة للقضية.
لقد بدت السنة المنتهية أقل إثارة من سنوات سبقتها على المستوى الداخلي. الحكومة استثمرت، وعلى نحو فريد، معادلة الأمن والاستقرار لتمرير سياساتها من دون ردود فعل كبيرة. وعلى العموم، فإن اهتمام الأردنيين كان منصبّا على التطورات في سورية والعراق، أكثر منه على الوضع الداخلي.
وفي النصف الثاني من العام الماضي، هيمنت المسألة المتعلقة بدور الأردن في الحرب على الإرهاب، واحتمالات التدخل البري، على اهتمام القطاع العريض من المواطنين. ومن غير المتوقع أن يتراجع هذا الاهتمام في السنة الجديدة، خاصة وأن الدور الأردني مرشح لكل الاحتمالات، تبعا لتطورات قضية الكساسبة، وتقييم الحلفاء لما أنجزته الضربات الجوية من نتائج متواضعة بعد قرابة ثلاثة أشهر على انطلاقها.
لكن الأوضاع الاقتصادية وصعوبات المعيشة احتفظت بمكانة متقدمة على أجندة الأردنيين. ولعل من مفارقات العام الجديد صدور قرارين متضاربين في يومه الأول؛ تخفيض أسعار المشتقات النفطية بنسبة ملموسة، ورفع أسعار الكهرباء. صحيح أن الرفع لا يشمل المشتركين الأفراد، لكن قطاعات التجارة والخدمات المتضررة من الرفع ستحمّل المواطنين الزيادة على الفاتورة.
رغم التحسن الذي شهده الاقتصاد الوطني، بعد تطبيق حزمة من الإجراءات التقشفية، وضبط الإنفاق وعجز الموازنة، إلا أن من الصعب توقع أوضاع أفضل في العام 2015. قانون الضريبة الذي يدخل حيز التطبيق اليوم لا يثير شهية المستثمرين، لا بل يهدد بهجرة استثمارات قائمة.
انخفاض أسعار النفط يعد مؤشرا إيجابيا يساهم في تخفيض فاتورة الطاقة، لكن أزمة هذا القطاع ستبقى تراوح مكانها. ولذلك يتوقع، قبل نهاية الشهر الحالي، أن توقع شركة الكهرباء مع نظيرتها الأميركية "نوبل إنيرجي" صفقة الغاز الإسرائيلي، في حال تمكنت الأخيرة من تسوية نزاعها القانوني مع الحكومة الإسرائيلية.
ومن المتوقع أيضا أن يشهد الشهر الأول من العام إطلاق الخطة العشرية للاقتصاد الأردني، والتي تعكف الحكومة على إعدادها بناء على توجيه من الملك. وستتضمن تصورا شاملا، يرتبط بجداول زمنية للتنفيذ على ثلاث مراحل.
العام الجديد سيكون حاسما لجهة تقرير مصير حزمة الإصلاحات السياسية المطروحة. أمام مجلس الأمة عدد من مشاريع القوانين المقترحة؛ البلديات، اللامركزية، الأحزاب. لكن ما يعني النخب أكثر هو قانون الانتخاب، ومستقبل الصوت الواحد. هنا مربط الفرس في عملية الإصلاح السياسي.
لا يساور معظم الأردنيين الشك في قدرتنا على الصمود وسط أمواج الإقليم المتلاطمة. لكن، استعدوا؛ العام الجديد مثقل بالتحديات والمفاجآت.