استبصار سياسي!

هذا هو اليوم الأخير من العام، وغداً إطلالة عام جديد، وكل التساؤلات تتركز حول مستقبل هذه المنطقة، ومآلات هذه الشعوب.
قراءة عقد مقبل، اي عشر سنوات قادمات، لاتنفصل تأسيسا، عما رأيناه خلال السنين الفائتة، الا انه يمكن القول بكل اختصار ان العقد المقبل، هو عقد تفكيك الكيانات القائمة، واعادة رسمها، وتركيبها من جديد.
على خلفية من الفقر الشديد، والجوع، والقمع، وتبدد الحريات، والثورات، وعبر بوابات الطائفية والمذهبية والوطنيات الصغيرة، فإن إعادة تفكيك المنطقة، تجري بشكل متسارع، وعلينا ان نتذكر ان هذه اعادة التفكيك الثانية، لأن الاولى، جرت بعد سقوط الدولة العثمانية.
معنى الكلام، ان اعادة تفكيك المنطقة لا تمس فعليا محرمات كبرى، فالعراق الحالي، اذا تم تفكيكه، واقتطاع اجزاء منه، فغن هذا التفكيك، لايمس شكلا موحدا تاريخيا للعراق، بل ان التفكيك هنا، هو لشكل مقتطع اساسا، من شكل أكبر، ومن شكل كان تعرض لإعادة تركيب بعد اقتطاعه من الدولة العثمانية.
التقسيمات الوجدانية والدينية والمذهبية والوطنية، باتت اليوم واضحة كما الشمس، وهي تقسيمات تمهد لتلك المرحلة المقبلة، اي اعادة صياغة الكينونة الوطنية في دول كثيرة، وعلى خلفيات مختلفة، وهذا يعني ان الارضية متوافرة، خصوصا، ان الكل بات حاقدا على الكل، ولابد من فصل المكونات عن بعضها، بإعادة صياغة كيانات المنطقة، نحو دول اصغر، بإمكانات اقتصادية أضعف وأقل.
غير ان اللافت للانتباه هنا، ان الصراع الذي تتم ادارته في المنطقة، تدخل عليه اطراف كثيرة، تربك حساباته، وتعيد هذه الحسابات كل فترة، من دول اقليمية وجماعات مقاتلة، وشعوب غير صامتة ازاء مايجري.
ثلاث سمات للعقد المقبل، الاولى اعادة تقسيم المنطقة كليا، وسنرى دولا تكبر وتتمدد، ودولا تصغر وتتراجع، كما ان السمة الثانية اعادة صياغة التوصيف الوظيفي لكل الدول الجديدة في المنطقة ووفقا لما يراد لها، خلال العقود المقبلة، فيما السمة الثالثة التي يتم التخطيط لها، تتويج اسرائيل كقوة عظمى في العالم والمنطقة، بيدها كل مواردها، وتحت يدها شعوب منهكة وضعيفة.
يبقى هنا سؤالان، الاول عن قدرة المخططين حقا على اكمال مخططاتهم دون عراقيل او موانع او ممانعات، لأننا ليس امام حتمية تؤكد نجاح هذه المخططات، وقد تفشل؟!.
السؤال الثاني يتعلق بالاردن، في حسابات إعادة صياغة وجه المنطقة، فأين سيكون الأردن في خريطة العشر السنوات المقبلة، على كل المستويات الداخلية والاقليمية، ووسط هذه المناخات؟!.