«صلابة» الرواية الرسمية للأحداث

مجددا لا أرى سببا لعدم وجود "رواية رسمية صلبة" لأي حادث يخص الشعب الأردني، ويهتم به، تقوم بواجبها ودورها – أي الرواية – على الأقل في "منافسة" الروايات الأخرى، لان عالم اليوم التواصلي لم يترك صغيرة ولا كبيرة.

واجب الحكومة والمسؤول التقدم برواية وابلاغ الرأي العام بالحقيقة، حتى يتبين الغث من السمين، حتى عندما تكون المسألة متعلقة بقضايا حساسة، أو مهمة جدا، ونحن لا نتحدث عن رواية تكشف عن الأسرار او تؤثر في المجريات، وكل ما نقوله: ان غياب الرواية الرسمية ينتج مساحة من التشويش يسمح بعبور ــ وأحيانا استقرار ــ روايات الآخرين عن أحداثنا.

التحفظ التام لم يعد طريقا آمنا، وقد اختبرنا عشرات المرات الرأي العام وهو يلتقط روايات تقدمها صحافة العدو الإسرائيلي عن قضايا تخص الأردنيين.

واحسب شخصيا أن الامتثال لأوامر القضاء وأجهزته واجب قانوني ووطني مقدس، لكن قرارات "حظر النشر" لا تنتمي لعالم الاتصال اليوم، خلافا الى انها لا تخدم كثيرا أهدافها النبيلة، لان الإعلام أصبح جماهيريا اليوم، والناس يتبادلون المعلومات بكثافة لا يمكن رصدها، او تنظيمها، أو حتى التأثير فيها.

ليس من الحكمة مطالبة المواطن بالصمت، لان تناقل الأخبار والتعليقات أصبح سلوكا بشريا يوميا، وبدلا من التردد والافتعال، على الحكومة ان تجتهد لتطوير مصداقية الإعلام الرسمي المفقودة حتى تصبح الروايات الرسمية مؤثرة وعميقة في وجدان الناس.

نقدر ان بعض الأحداث تتطلب حساسيتها ضبط إيقاعها المعلوماتي، لكن ذلك ينبغي أن يسير بالتوازي مع ضرورة الاقتناع بوجود رواية صلبة غير قابلة للاختراق ومقنعة وتتميز بالمصداقية.. من دون ذلك سيتواصل الارتجال وسيضطر المتلقي الأردني للاصغاء للآخرين.