الدولة اليهودية وخطرها على الأردن
أخبار البلد - د. مهند مبيضين
نشأت الحركة الصهوينية في بداياتها على يد قادة علمانيّين، لا يعترفون بالصورة الدينية للدولة اليهودية، ولا يحفلون بالوعود الدينية التي هناك من يتبناها اليوم في اسرائيل، فمؤسس الحركة الصهيونية تيودور هرتسل، لم يكترث بالعقيدة اليهودية، التي كان يتعمّد خرق تعاليمها، شأنه في ذلك شأن آخرين مثل: حاييم وايزمان وجابوتنسكي وموشيه هس وبن غوريون.
وضّح هرتسل رؤيته للدولة التي سعى إليها، في كتابه الذي حمل عنوان:»المسألة اليهودية» بالمطالبة والسعي إلى «دولة اليهود» وليس «الدولة اليهودية». وثمة فرق بين المصطلحين.
مع مرور الوقت انقسمت الحركة الصهيونية حول هذه المسألة، فثمة من أصرّ على أن جوهر الصهيونية هو حركة دينية، وسمّي هذا التياربدعاة «الصهيونية الدينية» وفي المقابل رأى قسم آخر أن الصهيونية حركة علمانية لا تستر بالدين اليهودي، وأخذ هذا التيار مسمى «الصهيونية الثقافية».
على أرض الواقع لم تنبت الحركة الصهونية أو تقيم دولتها في اسرائيل بفعل حرب دينية أو دعوى عقائدية أو رعاية سماوية كم يزعم بعض اليهود، بل جاءت وقامت في بطن الحركة الاستعمارية الغربية، في جوف الانتداب البريطاني، ومن ثم برعاية الولايات المتحدة ودعمها المستمر حتى اليوم.
ظلت اسرائيل تتصارع حول المبدأ والمفهوم الديني للدولة، وكان الذهاب لمؤتمر مدريد في تشرين الثاني 1991، يعني إقرارا منها بوجود شريك عربي، وأنها اصبحت واقعا سياسيا لا دينيا وفقا لمبدأ الأرض مقابل السلام وقرارات الشرعية الدولية التي انغقد المؤمتر على اساسها واعتبرها مرجعية له وهي القرارات 242 و 338 و 425. كان ذلك المؤتمر أشبه بمصالحة تاريخية، عنوانها «اسرائيل والمستقبل»، لكن شيئا من وعود المستنقبل لم تنجز. وظلت اسرائيل تتطرف.
تطرفت اسرائيل أكثر بعد مدريد، وكانت النتيجة المتوقعة ان يموت احد، وفي الرابع من تشرين الثاني 1995، وخلال مهرجان خطابي مؤيّد للسلام في ميدان «ملوك إسرائيل» في مدينة تل أبيب، أقدم اليميني المتطرّف «إيجال أمير»على إطلاق النار على إسحق رابين وكانت الإصابة مميتة، ولم تمض سنوات سبع حتى اعلن الكنيست عن توغله في التطرف، ففي العام 2003 اتخذ قراراً يقضي بضرورة تعميق فكرة يهودية الدولة وتعميمها على مجمل دول العالم جنباً الى جنب مع محاولة انتزاع اعتراف فلسطيني بهذا الواقع، ثم وفي أثناء مؤتمر أنابوليس الذي انعقد في نهاية العام 2007، توالى الضغط على الشريك الفلسطيني وحاولت كوندليزا رايس الضغط كثيرا على الفلسطينين لكنها لم تنجح. وعادت الدعوات العام 2009 ثم اعادها نتياهو قبل نحو شهر. حين أقرت حكومته مشروع قانون للدولة اليهودية.
اسرائيل تفكر في هذا القرار جيدا رغم معارضته داخل اسرائيل نفسها، وعلى رأس المعارضين حركة «السلام الآن» وبعض القوى العلمانية فيها، لكن معنى هذا القرار أو التفكير به على الفلسطيني والأردني وخيم وخطير.
فيوم فكرت اسرائيل بالقرار كانت تقترح نقل أهالي الضفة الغربية وقطاع غزة إلى العراق حيث يُمنحون الجنسية هناك وذلك تنفيساً عن الهاجس الديموغرافي الإسرائيلي حيال ما يسمى بالقنبلة الديموغرافية. أما اليوم في ظل ضياع العراق وتفككه فالخيار اصبح الأردن أو الضفة الغربية بمعنى ترحيل نحو مليون و500 الف فلسطيني من فلسطيني الـ 48 إلى الأردن أو مناطق السلطة الفلسطينية. والقضاء -أيضا- على كل حقوق اللاجئين الفلسطينين، هذا معناه أيضا تحقيق مقولة الوطن البديل في الأردن بالنسبة للفلسطيني اللاجئ.