صحوة شعوب ثورية لن يوقف مدها احد

* لن نقف طويلا  عند تحديد  مبررات العنف التي تجتاح ليبيا ،والتي تثبت دموية النظام الحاكم ،فظاعة المجازر  المخطط لها،والتي ترتكب حاليا بحق ابناء الشعب الليبي الذي يمر باصعب ظروف حالاته المستعصية حيث القمع الدموي الذي يمارسه  القذافي ضد ابناء شعبه ، خير شاهد على ذلك ، لكن ما يجب الوقوف عنده هو هذه  الصحوة الفكرية الثورية الشبابية والتي بدات ايجابيات  جذوتها المتقدة تنتقل الى البلاد العربية تباعا ،
حقيقة تطرح امامنا اكثر من تسائل اولها واهمها، هل كانت الجماهير العربية بحاجة الى ان يحرق البوعزيزي نفسه لتشتعل فيها هذه الجذوة المتقدة للثورات الشعبية المتاججة والتي باتت عناوين لوجبات اساسية يومية لمعظم الشعوب العربية الرافضة للذل والهوان والاستكانة  بدءا بتونس ثم مصر ومرورا باليمن التي بات التغير فيها وشيكا ،والبحرين التي تستعر فيها حدة الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالاصلاحات الدستورية ،والسعودية التي يصر المحتجون فيها على اصلاحات ملكية دستورية ،والاردن التي يرفع المحتجون فيها شعارات الشعب يريد اصلاح النظام بدلا من الشعار الذي عرفت به ثورتي مصر وتونس “الشعب يريد اسقاط النظام،والعراق الذي لم يعرف الاستقرار منذ عقدين من الزمن تاريخ الحصار الامريكي للعراق واخضاعه بالتحالف الخبيث واسقاط نظام حكمه بقوة السلاح ، والمشتعل اساسا باضطرابات الفتن الطائفية ، وليس انتهاءا بالجزائر ...، والحبل على الجرار .
 هل هو الفقر والحاجة والاستماته في الحصول على لقمة العيش التي باتت مغموسة بالذل والاستعباد ، ام هي الصحوة الفكرية التي يقنت الجميع  انهم قادرون بالعزيمة والارادة على تغير الواقع ضمن اسس ومبادئ ديمقراطية جديدة تخدم الجماهير وتعزز ايمانها بكرامتها ورفضها الذل والمهانة ،بطريقة علمية حضارية،تدفق الدم الليبي غزيرا امام هجمة حاكم مزاجي،غريب الاطوار ، يقود حملة ابادة دامية ضد شعبه ولا يكترث ، تقع ضمن هذا التصنيف حيث الرفض لواقع مرير ومؤلم فرضه نظام قمعي اغرق البلاد على مدى اربعون عاما في التخلف والجهل ، الجماهير الهائجة المضطهدة في ليبيا باتت متيقنة ان نهاية هذا النظام باتت وشيكة وان المسئلة هي مسالة وقت فقط
ردة فعل القذافي على رفض الجماهير الليبية لقيادتة اخرجته عن الاطار المالوف لتعامل الزعماء والرؤساء وهو بهذا فقد حلفائه الغربين والعرب ، حلفاء  مبارك وبن علي قبله واللذين كما راينا لن يجرؤا حتى على مجرد البوح بتاييدهم له كي لا يواجهوا شعوبهم المؤيدة للثورة المتاججة ضده ، والرافضة للاوضاع المهينة .
تقيمنا لتطورات الاحداث هذه تضعنا امام حقيقة لا تقبل الجدل هي ان الجماهير باتت تملك حسا ثوريا محصنا بفكر تنويري ايجابي يمدها بالايمان والعزيمة في ثوراتها التي بدات تزحف ليس بعدوى او تقليد كما يحلو للبعض تصويرها وانما بحقائق فكر ثوري علمي ممنهج بتكنلوجيا معلوماتية دعائمها الاضطهاد والكبت والحرمان ومصادرة الحريات وتكميم الافواه ،يدعمها الفقر وسوء توزيع الثروة وابقاء الشعوب مهمشة تصارع الامرين الفقر والاستعباد .
في بلد كليبيا يعوم على بحيرة نفطية بترتيبها العاشر بين دول العالم في امتلاكها للبترول يقابل هذا شعب مهمش فقير لا يملك مستشفيات متطورة،ولا مدنية ،ولا حياة مرفهة ،بالاضافة الى وصف حاكمهم لهم بالمدمنين والجرذان والعملاء ،وتوعده لهم بالقصف المدفعي والطائرات اذ  لم يمتثلوا لاوامره ، بادنى تعبير هذا انتقاص من ادميتهم الانسانية اولا واهانة لكرامتهم وكبريائهم كشعب عريق يوحده الولاء والاخلاص للوطن رغم اعتزازه بولائه  لقبليته . 
 لن يصمد القذافي طويلا ، رغم استماتته في الدفاع عن سلطته  باستخدامه المدفعية والطائرات لقمع المتظاهرين والثوار،كون انهيار خطة النظام باتت مقروءة وواضحة في كل المدن الليبية تقريبا ، كما ان استقالة العديد من رموز نظامه ومنهم وزير الداخلية وبعض الدبلوماسين والسياسين في الداخل والخارج ورفض قطاعات واسعه من جيشه قصف المتظاهرين وانضمام الجميع الى صف الثوار وبالتحديد كتائب الجيش الليبي في منطقة الجبل الاخضر اللذين اعلنوا انضمامهم  الى الثورة واعلانهم تبرئة انفسهم من تبعيات قمع النظام للمواطنين ، الذي خلف مئات القتلى والالف الجرحى اللذين سقطوا برصاص انظمة الحكم والمرتزقه محاولة لنبذ غريبة من نظام ادعى في يوم من الايام بان السلطة للشعب .
ابناء ليبيا الاشاوس وشهدائها الابرار  اللذين روت دمائهم الطاهرة ساحات ليبيا وشوارعها وصحرائها المتعطشة للحرية والديمقراطية يكتبون التاريخ الملئ بالانجازات لبلدهم( ليبيا الشعب دون القذافي ) من جديد ، ولا يكترثون لما يعد له القذافي وابنائه اللذين يخططون لحمامات دم مرعبة .
 طموحاتنا وابناء الشعب الليبي الصامد ان تكون ثورة السابع عشر من فبراير المتاججة في ليبيا بداية لبناء دولة  مدنية ديمقراطية ، تقوم على اسس العدل والمساواة في الحقوق والواجبات وفي توزيع عادل  للثروات المستندة الى الدستور .ونحن بالانتظار فالموعد ليس بعيدا..والله مع المحلصين والنصر حليف الشعوب

وعلى عهد الكلمة الصادقة نلتقي باذنه تعالى .