الأردن ورسائل الاعتقال السياسي
أخبار البلد - د. عيده المطلق قناة
في ظل التوترات الاقليمية.. وما تفرضه حالة الهوس الاستئصالي لوأد ثقافة الاحتجاح التي رسختها ثورات الربيع العربي.. شنّت الأجهزة الأمنية الأردنية حملة اعتقالات سياسية واسعة ضد نشطاء على خلفية «رأي» عبروا عنه بالمشاركة في مسيرة أو من خلال تغريدة على مواقع التواصل الاجتماعي!! وتم تلفيق تهم لهم بعيدة كل البعد عن الأفعال التي اعتقلوا بسببها كان منها «تقويض نظام الحكم».. و»تعكير صفو العلاقة مع دولة أجنبية»..وذلك لشرعنة إخضاعهم لتشريعات غامضة وفضفاضة كقانوني «منع الإرهاب» و»محكمة أمن الدولة» بما في ذلك من مخالفة لقرار محكمة التمييز(الثلاثاء 16/12/2014)التي حسمت بعدم اختصاص محكمة أمن الدولة بتهم «تعكير الصفو»!!
حملة الاعتقالات هذه أثارت كسابقاتها انتقادات واسعة من قبل المنظمات الحقوقية الدولية فمنظمة «هيومن رايتس ووتش» - على سبيل المثال- تقول في تقرير لها بأن(الاعتقالات السياسية في الأردن بحق عدد من النشطاء والقيادات السياسية على خلفية تعبيرهم عن آرائهم دليل على عزم الحكومة على تكميم أفواه مواطنيها الذين يتحدثون بـ››حرية››.. وتقول أيضا بأن «السلطات قد كسرت وعود الإصلاح من خلال اعتقال واتهام نشطاء في الجرائم المتعلقة بالتعبير عن الرأي».. وتتساءل»إذا كان المواطنون الأردنيون لا يستطيعون انتقاد السياسات بطريقة سلمية، فما الخيار للتعبير عن آرائهم السياسية؟).
إن هذه العودة المجددة لسياسة القمع والتنكيل بالمعارضين بالاعتقال والإهانة وتلفيق التهم تستثير المخاوف فضلا عن التساؤلات المؤلمة ومنها على سبيل المثال:
• ما هي الرسائل التي أرادت الحكومة إرسالها باخضاع النشطاء لقانون الإرهاب في الذكرى التاسعة لتفجيرات عمان؟
• هل اعتقال «زكي بني ارشيد» وزملائه وإحالتهم لمحكمة أمن الدولة بسبب تغريده أو لاشتراكهم في مظاهرات نصرة الأقصى والأسرى هو إيذان بإطلاق مرحلة جديدة من القمع والإقصاء للحركة الإسلامية على خطى دول أخرى في الإقليم؟
• وهل علاقات الأردن مع الدول الشقيقة أو الصديقة بهذه الهشاشة حتى تتأرجح أو تتعكر أو تنقطع على وقع تغريدة أو هتاف في مسيرة؟
• ثم من الذي يقوّض نظام الحكم؟ وهل المطالبة بالإصلاح أو بسط السيادة الأردنية على الأقصى أو نصرة الأسرى الأردنيين أخطر على نظام الحكم من الفساد والاستبداد وتكميم الأفواه ؟.
وبالرغم من ارتفاع الأصوات الحكومية التي تبشرنا إعلاميا بأننا نعيش في ظلال دولة القانون والحريات.. وأن حرية الرأي والتعبير من الحريات المقدسة.. وأن القانون الأردني يحظر عقاب أي شخص بسبب آرائه أو نشاطه السياسي؛ إلا أننا اليوم إزاء حالة انتهاكات سافرة لحقوق الإنسان تبدأ بالانزلاق إلى المعالجات الأمنية.. مرورا بالتضييق على الحريات العامة.. وليس انتهاء بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية..
• أما آن الأوان لهذه الممارسات أن تتوقف؟
• أما آن الأوان للكف عن استخدام آليات القوة والاحتجاز، وتلفيق التهم العشوائية لمجرد التعبير عن رأي لا يروق للسادة سواء في الداخل أو الخارج ؟
• وأخيرا لا آخرا متى تقيم حكوماتنا لنا وزنا ؟