قطاع السياحة في الأردن
تقتضي المسؤولية التاريخية والاخلاقية ان يكون المواطن على اطلاع ومعرفة تامة بأي قطاع من قطاعات الاقتصاد، ولعل ابرز ما يهمنا حاليا هو قطاع السياحة الذي لم يحظ بالاهتمام الكافي والعناية المثلى لتأهيله وتطويره، ومرد ذلك كله الى انماط كثيرة واشكال متعددة يمكن وصفها بالافتقار الى الخبرة او الدراية الكافية من قبل القائمين على السياحة، والقيام باتخاذ قرارات دون اي دراسة لما سيترتب عليها من اخفاقات، وللايمان المطلق اننا لن نصل الى مستوى متقدم من التطور والازدهار طالما بقيت ظاهرة المراعاة والمجاملة لهذا وذاك والوقوف في وجه التوجهات المناسبة للتطوير والتحديث وعرقلة كل ما من شأنه رفد هذا القطاع بالدراسات والتخطيط الامثل، وذلك كله على حساب الوطن ومكتسباته ومنجزاته
ولأنني اريد ان ابرز الملاحظات حول قرارات وزارة السياحة وحيث انني ترأست لجنة السياحة في مجلس النواب بصحبة فريق متكامل ومتجانس من ذوي الخبرة والكفاءة تقدمنا بتوصيات واضحة وسليمة الى الحكومة الا انها لم تنفذ لسبب او لآخر، فمنذ تشكيل لجنة السياحة والآثار في مجلس النواب السابع عشر وانتخاب اعضائها، اخذت هذه اللجنة على عاتقها مسؤولية البحث عن كافة السبل لتطوير القطاع السياحي في المملكة، ولإيمان اللجنة المطلق بأن التشاركية هي اساس النجاح فقد حرصت اللجنة على الالتقاء مع كافة الاطراف الممثلة للقطاع السياحي والتشاور معهم لحل مشاكل القطاع السياحي، وكانت اللجنة تدعو في كل مناسبة الجهات الرسمية الى ضرورة التشاور مع اللجنة ومع القطاع السياحي قبل اتخاذ اي قرار يتعلق بهذا القطاع. وكان الامل معقودا بأن يكون هنالك تشاركية واضحة وفعالة ومبنية على اسس متينة بين الحكومة والقطاع الخاص وان يكون الدور الرقابي للحكومة موجودا ويقف على مسافة واحدة من كافة الاطراف دون تغول او استئثار بقرار. ولكن وبكل اسف لم تنفذ توصيات لجنة السياحة إلى الآن حيث تم عقد لقاءات عديدة ونقاشات موسعة ومدروسة بهذا الخصوص.
وللاستزادة بهذا الخصوص سعت وزارة النقل مثلاً لتنظيم عملية النقل السياحي وبما يتناسب مع الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد ولان هذا القطاع قد عانى ومنذ اكثر من عشر سنوات وما زال من نقص في الحافلات وتدهور اوضاعها وسوء حالتها العامة وبقاء الشركات على حالها دون اي تطوير وانه لا يوجد اي شكل من اشكال الاستثمار وذلك منذ خمس سنوات، وقد قامت وزارة النقل وهيئة تنظيم قطاع النقل مشكورة وبالتنسيق والتشاور مع لجنة السياحة في مجلس النواب والقطاع الخاص من المعنيين واصحاب المكاتب السياحية وبعد دراسات مستوفية ومستفيضة والتي تضمنت تعديل نظام النقل السياحي لضمان تلبية طموحات المرحلة المقبلة، واوصت وزارة النقل وبعد عدة اجتماعات مع المعنيين بالقطاع فكانت رؤيتها بأن يكون عدد المقاعد لكل شركة (800) مقعد وهو اجراء عادل ومنطقي ويخدم قطاع السياحة تماما ويجبنهم شراء الباصات ذات الحجم الكبير التي لا ضرورة لها تبعا لتجربة الافواج السياحية القادمة للاردن.
فبعد ان تفاءلنا خيراً بهذا الاجراء ومرور هذه التوصيات بمراحلها السليمة وقيام الحكومة مشكورة بارسالها الى ديوان الرأي والتشريع إلاّ أنه تم سحبها وبدون علم وزيرة النقل من الديوان لتعاد الى مجلس الوزراء حيث طلب رئيس الوزراء من وزير السياحة بيان الرأي حول الملاحظات على مشروع النظام المعدل لنظام النقل السياحي المتخصص فقام الاخير وللأسف بعمل توصيات جديدة مختلفة عن التوصيات السابقة حيث كان من الاوجب مراعاة مصالح القطاع مما يؤكد ان هذا القطاع اصبح ارجوحة ويصب في قنوات ومصالح لا تخدم مصلحة القطاع السياحي الذي يعاني اصلا من التردي والتراجع في ظل واقعه.
بعيدا عن كل المشاحنات نقدم رؤانا وتصوراتنا انسجاما مع انفسنا داعين ان تكون مخافة الله فوق كل اعتبار والاستمرار في خدمة بلدنا ومستقبل اجيالنا والنهوض بالمسؤولية على اكمل وجه دون محاباة او مراعاة.