د. محمد احمد جميعان يكتب : دولة الرئيس : من شكل هذه اللجنة؟

 

 

عندما نتحدث عن لجنة حوار وطنية تصدر بمرسوم ويهيـأ ويقدم لها اعلاميا بالحجم الذي تم فان تشكيل اللحنة على هذا النحو كان صادما ومستفزا ؟!

من يستعرض ما كتب في الاعلام وحديث المجالس عن اللجنة بعد تشكيلها يصاب بالذهول ، وكثير منه لا يمكن ان يخطه القلم ولا يمكن نشره ، فليس هناك من باركها واثنى عليها من الساسة والقادة والنشطاء والمحركين والاعلامييين الذين ارى انهم يشكلون بوصلة الحراك ..

هناك من ذهب ( وهم كثر جدا ) الى حد وصفها بانها " ولدت ميته " والميت لا يقوى على الحراك ولا ينتج حوارا ولا يصنع استقرارا، بل ان هذا التوصيف المعبر يوصلك الى حالة الاحباط والياس من أي اصلاح قادم او يلوح في الافق .

ان احترامي وتقديري لدولة الرئيس يجعلني اتساءل من هو المسؤول المباشر عن اختيار المشاركين فيها ؟ وما هي الاسس التي اعتمدت في تشكيلها ؟! وهل كانت الية التفكير التي وضعها للاختيار تخدم الاهداف ؟!

ما افهمه من اسم اللجنة واسباب وظروف تشكيلها انها جاءت على اثر حراك الشارع واحتجاجاته والتي اطاحت بالحكومة السابقة وجاءت بالحكومة الحالية ، وبالتالي فان المعيار الاول هو الذي يجب ان يراعى في تشكيلها ، وهو مدى استجابتها لنبض الشارع ومدى قدرتها على التهدئة والتفاف الحراك ولو نسبيا حولها ، وهو الذي كان غائبا تماما في هذه اللجنة ، بل كانت عكس ذلك لانها شكلت صدمة واستفزازا ، وجعل من كان يجنح الى التهدئة والحوار العودة للحراك مرة اخرى ، وجعل من ينتظر نتائج الحوار وما تفضي اليه يصدم ويدر ظهره بان المكتوب يقرأ من عنوانه ، فاذا كان التشكيل على هذا النحو فماذا يتكون النتائج ..؟!

لا اريد الدخول في تفاصيل الاسماء فلدي الكثير من الملاحظات ولكن يكفي ان اشير بالعموميات ، بانني لم ارى حظورا في هذه اللجنة المشكلة من قادة الحراك ونشطائه واصحاب الرؤى والمؤثرين الذين يحظون بالثقة ويمثلون ثقلا في الشارع ، بل من كان حاظرا في اللجنة اسماء لعبت القرابة والصداقة والمعرفة المسبقة دورا في تشكيلها ؟!

 هناك من تردد اسمه كثيرا في مواقع ولجان ومؤسسات سابقة ومع احترامنا الا ان لهم  مواقف معروفة ومكررة ، وفي الاردن والحمدلله ستة ملايين نسمه نحو 10% منهم على الاقل من اصحاب الكفاءات والرؤى والنشاط السياسي والمعرفي والثقافي والقانوني ؟!  وقد ملت الناس من التكرار الذي لم يصنع الاصلاح؟! فكيف نعيد لهم نفس الاسماء مع الاحترام لهم ؟!

وهناك في اللجنة من تربطهم صلة قرابة ونسب ؟! وهناك من هم من مؤسسة اعلامية واحدة ؟! وهناك من عرف بالموقف المعارض للمسيرات وآخر معارض للمواقع الالكترونية ، وآخر قدم نفسه على زملائه ، وهو لا يحظى باي تمثيل سوى الهالة المصطنعة وحجم التضخيم الدعائي الذي خلقه لنفسه مستثمرا وجود احد اقربائه في الحكومة مما خلق حالة حنق واستفزازا وارتدادا وجداني لشريحة ما عرفت الا الاخلاص والوفاء طريقا ، من واقع كنا نامل الخروج منه، في اطار اصلاحي فيه العدل والانصاف والاصلاح ؟!

اليس صادما ومستفزا ان نتجاوز حزبا او احزاب كبيرة ومؤثرة لنتجاوز قادتهم المنتخبين ونشطائهم ومنظريهم المعتمدين ثم نختار اسماء اخرى لها احترامها ولكنها لم تستشر اولا ثم تفرض على هذه الاحزاب في حالة استفزازية تجذر حالة الرفض للمشاركة ، ونحن احوج الى مشاركتهم .

ثم كيف نشرك بعض من النواب في الحوار في اطار لجنة حوارية رسمية مشكلة حكوميا وبرئاسة رئيس مجلس الاعيان ، ومجلس النواب بكافة اعضائه دستوريا وتشرعيا وديمقراطيا هو من يمثل الشعب وينقل همومه  وله الية حوار تجري على اساسه المناقشات ، كيف يحدث هذا التداخل؟!  وكيف يمكن فهمه ؟!

ثم كيف هي لجنة حوار وطنية للخروج من حالة عدم الاستقرار لاقرار تشريعات اصلاحية وهي غير ممثلة لشرائح واطياف ورؤى وسياسات بل ومناطق وتجمعات وعشائر كبرى ومحافظات في حالة تعزز حالة الاحتقان ولا تساهم في تفكيكه .

صحيح ان اشكالية الحوار بدات منذ تحديد رعايته وبدأ اللغط حوله وتعمق مع موقف جبهة العمل الاسلامي والوطني الدستوري بما يشكله من ثقل ، ولكن تشكيل اللجنة على هذا النحو عزز القناعات بعدم المشاركة وعزز معة حالة عدم الاستقرار ، وربما قد تتصاعد مع الاحتجاج على هذه اللجنة  .. ؟!

ما نخافه ان هذا الحوار بهذه اللجنة التي وصفت بانها ولدت ميته وقيل فيها ما قيل ، بانها صادمة ومستفزة ، سيفضي الى فهم معكوس واحباط  لن تنفع بعده المبادرات بل تصبح دون صدى يتولد معها احتجاجات لا نعلم مداها كما ذكرت سابقا ، يصبح معها ارتفاع سقوف الاصلاح المنشود كرد فعل على الية الاصلاح ولجنة الحوار التي رايناها .

ولا بد من اعادة التذكير ان ما يجري حولنا يسبق مفاهيم الحوار والمعالجات الفردية والتفردية والاجتهادية الشخصية، والاحتواءات ، والاحزاب واللجان والممثلين ، فالشعب هو من يتكلم والشباب هم من يتحركون الذين لم نرهم في اللجنة ؟!

ان الامانة تقتضي النصيحة ، وتوجيهات الملك واضحة في اصلاحات حقيقية وسريعة، وارجوا ان اعيد الاقتراح  بمبادرة ملكية سامية للاصلاح السياسي والاقتصادي تتجاوز برتوكولات الحوار الى مفاهيم الالتفاف والالتحام ونزع الفتيل والاحتقان جنبا الى جنب مع فتح حقيقي وصارم وحازم لملفات الفساد لنرى الحيتان والفاسدين خلف القضبان  ..

drmjumian@yahoo.com

http://majcenter.maktoobblog.com

0795849459/ خلوي