عملاء أصحاب أيادي بر وإحسان
في الدول التي تحدث فيها الفوضى وعدم الاستقرار ، وجراءها تحدث أزمات إنسانية تتوجه إليها المنظمات والجمعيات الأجنبية. ويزداد عددها ونشاطها . وتسارع الدول الأجنبية إلى إرسال منظماتها وجمعياتها ( منظمة خارجه وأخرى قادمة) . سواء في الاستقرار الأمني أو أثناء حدوث الفوضى والكوارث الطبيعية أو القتالية . وتضع على رأس أولوياتها أعمال الإغاثة لرعايا هذه الدولة . كمساعدة الأسر الفقيرة وكفالة الأيتام ، وتقديم الخدمات التعليمية .
وإجراءات الدراسات اللازمة . فان لم تدخلها الجيوش ، دخلتها المنظمات التي تقوم بتمويلها ، وكالات المخابرات الأجنبية . فالدولة المهددة أوضاعها بالانفجار في أي لحظة أو انفجرت ، أنظار الدول أجنبية تتجه إليها بغرض جمع المعلومات عنها، فكل منظمه تعمل بالمجال المرسوم لها من قبل الدوائر الأمنية الأجنبية .
تغدق عليها تمويلا للحصول على مزيد من المعلومات ذات الطبيعة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والحزبية والدينية والصراعات العرقية بين مكونات المجتمع المدني. كما يشمل نشاطها دول الجوار لأنها تأثرت بالإحداث الجارية بتلك الدولة ،وهذا يعتبر صيدا ثمينا ، وبأقل الإضرار البشرية والتكاليف المادية. وهناك جمعيات،منها ما يكون مرتبط ارتباطا مباشرا مع منظمات دولية ذات طبيعة شبة حكومية ظاهريا . وتدعي الاستقلالية الإدارية والمالية، ولكنها في الواقع تابعه لجهات حكومية أمنية مغطاة بصفة مدنية ليسهل عملها في الدولة المستهدفة. فيكون نشاطها بالجوانب الخيرية والاجتماعية ، والتدريبية والتعليمية وخلاله تقف على مدى التخلف التي يعاني منها مواطنو تلك الدولة المستهدفة ،ومستوى رضا المواطنين عن أداء مؤسسات دولتهم . والاطلاع على القضايا المصيرية التي تواجهها تلك الدولة.
وبذا الدولة الاجنبيه تكون على علم مسبق بأية حركة قلاقل قبل وقوعها في الدولة التي زرعوا فيها جواسيسهم أصحاب أيادي البر والإحسان . ولا تستغرب الدولة الأجنبية عند حدوث الفوضى أو الإطاحة بزعماء هذه الدول .
لأنها على علم مسبق ، وربما يكون لها ضلع في المؤامرة. وأسباب انطلاقة شرارتها وكيفية التغلب عليها . كل ذلك بفضل المعلومات التي جمعت عنها. وفي حالات أخرى تتحول لأدوات ضغط لاستغلالها ولي ذراع الدولة وتركيعها . وتحقيق ما يطلب منها. وهنا يظهر مدى مساهمة مخابراتها بهذا العمل . ومنها فقدان أو ضعف المناخ الديمقراطي في دولة ما ، وعدم التزامها بالأنظمة والقوانين، والحرية والديمقراطية ، وانتهاك حقوق الإنسان. ومطالبتها بالمحافظة على هذه الحقوق .
وإذا لزم الأمر تتدخل في شؤونها الداخلية. وفي الدولة التي تدعي الديمقراطية ولديها تعددية حزبية وحرية رأي ،وتنشط فيها مراكز قياس الرأي والدراسات ، في عقد الورش للأحزاب ومنظمات المجتمع المدني بتمويل أجنبي . بقصد معرفة مدى رضاهم عن حرية الرأي والتعبير ومزاولة النشاط الحزبي وسياسة القمع وتضييق الخناق التي تمارسها دولتهم عليهم . فالبلد التي تعاني من أزمة سياسية وأوضاعها غير مستقره وعلى حافة الانفجار ، سرعان ما تسارع سفارة دولة أجنبية ما،إلى توجيه الدعوات للقيادات الحزبية ومنظمات المجتمع المدني ، لزيارة بلدها، لإعطائهم مزيد من الجرعات التي تشحذ الهمم ضد سياسة دولتهم .وبعد أن أغدقت عليهم بالمال والهدايا والترفية ، يعودون وهم يتغنون بديمقراطية الدولة المستضيفة .
فالسفارة رديف في المهمة بجمع المعلومات . والسفير وبحكم عملة يلتقي مع كبار المسؤولين والشخصيات الحزبية والسياسيين ، ويلتقط منهم ما يريد . فالسفارة والمنظمات. وجهان لهدف واحد (جمع المعلومات وأوكارا للتجسس ) .
في عام 2002 كنت احد أعضاء البعثة الصحافية والإعلامية التي زارت أفغانستان مع رئيس هيئة الأركان المشتركة الباشا محمد يوسف الملكاوي ومساعده معالي الباشا رياض أبو كركي ، ولدى تواجدي في مزار شريف سألت المترجم الأفغاني عن دور المنظمات الأجنبية ، ومقارنتها مع الدور الذي يؤديه المستشفى الميداني العسكري الأردني. فقال لي: إن الأجانب يقدمون للمواطنين المرضى حبة دواء ومقابلها يحصلون على ما يرغبون من أفعال التجسس على الشعب الأفغاني.فهم يبحثون عن المعلومة الاستخبارية فيما يعرف عن تنظيم ابن لادن. واخبرني أن المساعدة الإنسانية تعتبر غطاءا شرعيا لتواجدهم في بلادنا . وعطفا على ذلك فإن تواجد رجال المنظمات والجمعيات الأجنبية، يهدف إلى جمع المعلومات . وما المساعدة الإنسانية إلا جواز سفر لحرية الحركة والتنقل لجمع اكبر قدر من المعلومات .و في أثناء الحاجة والشدة تصبح أوراق ضغط لتهديد الأمن الوطني لتلك الدولة.
ويتيح وجود الجمعيات والمنظمات فرصة كبيرة أمام الشباب العاطلين عن العمل والموظفين العاملين بنفس مجالات الجمعيات، لترك وظائفهم للعمل معها. كون رواتبها مجزية. ومنهم من يستهويه جمع المال فيتوجه إلى ترخيص جمعيات تشاركيه مع المنظمات الأجنبية . للعمل معها وتقديم المعلومات المطلوبة منهم من دون الاهتمام بخطورتها وقيمتها المعنوية والمادية والأمنية .أي قدموا معلومات خطيرة عن وطنهم وأبناء جلدتهم على طبق من ذهب لهذه الجمعيات. تسلمتها مخابرات تلك المنظمات والجمعيات . وهذا يعني أن الدولة تعرضت لاختراق مخابراتي أجنبي. جراء وضع الهدف المادي فوق أي اعتبار . إذ أمام الدولار تنهار القيم وتضعف النفوس. فربما يقدم العاملون من رعايا الدولة المستهدفة معلمات للغرباء في ذات الأهمية وبشتى الجوانب جمعوها أثناء العمل . كما أن كل منظمة أو جمعية أجنبية يتولى إدارتها أجانب ويساعدهم أناس من أبناء الدولة المستضيفة . لغاية تحقيق رؤيتها وتقديم خدماتها .
حتى لو كانت تعمل بمجال العون الإنساني . فهي (تجمع معلومات خطيرة عن الدولة وأوضاعها الداخلية ) . بكل يسر وسهولة . والوقوف على ما يعاني منه الوطن والمواطن . وكذا المحلية التي تعتمد على التمويل الأجنبي الباحثين عن الثراء السريع على حساب امن واستقرار الوطن تحت شعار خدمة الوطن والمواطن. ( تعددت الأسباب والهدف واحد ) .
وهنا اذكر بالخير وزيران توليا وزارة التنمية الاجتماعية هما رياض أبو كركي ، ود. سليمان الطراونة . وهما جنرالان سابقان ، كانا لهما حس امني حول نشاط الجمعيات في الأردن. الأول كان يشدد الخناق. والتراخيص شبه معدومة ،ولا يسمح لها بممارسة أعمالها رغم تدخل سفارات بلادهم . والثاني كان يقترح على الصحافيين أسئلة ذات طابع أمني عند توقيع الاتفاقيات معها . وبعدهما أصبحت الأمور. طاسه وضايعه. لذا فانه يتوجب على الدولة ولغايات مواجهة فوضى منح التراخيص إعادة النظر بمسألة الترخيص. والتشديد في مراقبتها وإغلاق المخالف منها . ووضع حد لنشاطاتها المشبوهة. بدلا من العمل بلا رقيب أو حسيب.
صحافي أردني