«قمة» كيري - نتنياهو.. اليوم!
سواء طلب جون كيري لقاء نتنياهو، أم «استدعاه» الى روما، فإن النتيجة واحدة في النهاية، إذ ان الحلف الاستراتيجي الذي يربط بين واشنطن وتل ابيب اكثر متانة من ان تهزه خلافات عابرة مع «ساكن» البيت الابيض، سواء كان جمهورياً ام ديمقراطياً، ما بالك وان الرئيس الديمقراطي الحالي، يستعد لمغادرة موقعه بعد عامين، بل انه خلال أقل من عام سيكون مجرد رئيس «انتقالي» او بطة عرجاء، بعد ان تبدأ معركة الترشيحات والمنافسة «الداخلية» بين الحزبين الكبيرين على الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وعندها ستتراجع الاضواء عن اوباما، لتبدأ ملاحقة النجوم الصاعدة في الفضاء السياسي الاميركي وتتواصل عملية «استيلاد» رئيس من المجهول على النحو الذي رأيناه بوضوح في بيل كلينتون، وخصوصاً الثاني باراك حسين اوباما، الذي لم يكن قدومه صدفة ابداً، في بلاد لم تغادرها سياسة التمييز العنصري ونظرية تفوق العرق الابيض، حتى لو كان المواطن رقم «1» هو أسود البشرة على النحو الذي هي عليه الان اميركا، وما احداث فيرغسون (وغيرها الكثير) سوى بعض الاشارات الدالّة.
ما علينا..
يلتقي اليوم في روما رئيس الدبلوماسية الاميركية جون كيري، الذي يبدو انه يتمتع بصبر وطول نفس كبيرين تعكسهما زياراته التي لا تتوقف في معظم انحاء المعمورة (بصرف النظر عن النتائج المتواضعة او غير اللافتة او الجوهرية التي تحققها تلك الزيارات)، مع رئيس حكومة «تصريف» الأعمال نتنياهو، تقول وسائل الاعلام الاسرائيلية، ان الهدف من اللقاء هو «التنسيق» بين الطرفين من أجل مواجهة مشروع القرار الفلسطيني (يتقدم به الاردن باسم المجموعة العربية) الذي سيُطرح على جلسة لمجلس الأمن الدولي قبل عطلة عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة، ينص على إنهاء الاحتلال بجدول زمني لانتهائه في تشرين الثاني 2016.
اميركا لم تتردد وفي اكثر من مناسبة، التهديد باستخدام الفيتو ضد مشروع كهذا، ترى فيه «سلوكاً» احاديا، وأنها «لن» تعترف بدولة فلسطينية، إلاّ عبر مفاوضات ثنائية مع اسرائيل، الاخيرة ترفض وضع اي جداول زمنية لأي انسحاب محتمل، وترفض بالتالي تحديد أي حدود نهائية لها, ما بالك بموقفها الحازم الذي يرفض اعتبار الانسحاب من الاراضي المحتلة عام 1967 قاعدة للحل، ولا ترى فيها غير اراض متنازع عليها, ما بالك ان المشروع الفلسطيني – الاردني يتحدث عن دولة مستقلة في نهاية العام 2016؟
هنا دخلت فرنسا على الخط، لتخريب المشروع العربي (أيد مجلس الجامعة نية السلطة الفلسطينية الذهاب الى مجلس الامن) وراحوا يتلاعبون بالكلمات ويزرعون الالغام ويفرّغون المشروع الفلسطيني من مضامينه الحقيقية، والاخطر من ذلك كله أنهم زجّوا في «مشروعهم» المقترح والذي ينوون تقديمه الى مجلس الامن (ربما بالاتفاق مع كيري وباقي اعضاء الاتحاد الاوروبي) زجّوا موضوع يهودية اسرائيل واقترحوا «الانتهاء من المفاوضات» (انتبهوا الانتهاء من «المفاوضات» وليس انتهاء الاحتلال) خلال عامين, ما يعني المراوحة في المكان ذاته، فضلاً عن تكريس يهودية الدولة في مشروع قرار دولي, الامر الذي سيسجل سابقة، لا يستطيع أي مفاوض فلسطيني الاعتراض عليها لاحقاً.
أين من هنا؟
كيري الذي تُروّج ادارته, كما وزارته, ان العلاقات مع اسرائيل متوترة وان الفتور يعتريها منذ الاجتماع الاخير بين اوباما ونتنياهو, لا يريد اغضاب اسرائيل, بل ربما في اقتراحه اللقاء به في روما – لا يريد الذهاب الى تل ابيب حتى لا يبدو وكأنه يقدم دعماً لرئيس الوزراء المنتهية ولايته في انتخابات الكنيست القريبة – انما يسترضي اسرائيل والايحاء بأن الخلافات بينهما «عابرة» وان علاقاتهما التاريخية والاستراتيجية لا تسمح لخلافات كهذه ان تطفوا على السطح في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها, وبخاصة في تزايد الاحتمالات بانجاز اتفاق نووي «جيّد» مع ايران في الصيف المقبل، وأيضاً في ظل الحديث عن «تراجع» اميركي عن شرط استقالة الرئيس السوري, لدعم أي حوار سياسي بين المعارضة والنظام السوري، بعد أن باتت الاولوية الان هي محاربة داعش والحركات التكفيرية الاخرى..
حزب الليكود واقطابه وصحافته يتهمون ادارة اوباما بأنها تتدخل مباشرة في انتخابات الكنيست القادمة، ويدللون على ذلك بالخطاب الذي القاه السفير الاميركي في تل ابيب دان شابيرو في معهد بيغن السادات في جامعة بارايلان، وغمز فيه من قناة نتنياهو وحزبه, الامر الذي تنفيه واشنطن وتقول أنها تقف من الجميع في اسرائيل... مسافة واحدة.
اياً كانت التوقعات, فإن ما سيُعلن بعد لقاء كيري نتنياهو سيكون عنوان ومحور الايام الاخيرة من هذا العام الذي يستعد للرحيل بعد ثلاثة اسابيع، تتميز كلها بأنها ايام عطل واحتفالات وإضاءة شجرة الميلاد وانتظار «بابا نويل», الذي يبدو أنه غير معني بزيارة منطقتنا، حتى لو تَقنّعَ بِزِيّه، المستر كيري نفسه.. ما يعني ان الكرة كانت وستبقى في الملعب الفلسطيني والعربي.. فإلى أين سيقذفونها، هذا إن كانت لديهم القدرة على مجرد.. الركل؟
..الأيام ستقول!