التمريض.. مسمى يحتاج إلى تغيير

اخبار البلد_د.صبري الربيحات

المرض حالة لا يرغب أحد في استدامتها، أقلقت الانسان، وهددت وجوده، وأنذر بالموت عندما كان الطب في بواكيره. في بلادنا نستهل لقاءاتنا بالسؤال عن الصحة ونشكر الله على دوامها.
في بلادنا وبالرغم من شح الامكانات المالية يصل الانفاق على الشأن الصحي لمعدل معقول مقارنة بدول العالم الثالث، ومع ذلك استطاعت الاردن ان تكون مقصدا للعديد من الاشقاء والاصدقاء الطالبين للاستشفاء.
في الغرب يلعب قطاع "الـ nursing" دورا مهما في توفير الرعاية والحماية الموصوفة لنجاح برامج الاستطباب ومساعدة طالبي الاستشفاء على التمتع بروح معنوية عالية ليتمكنوا من مقاومة المرض والتغلب عليه. وبفضل تدريبهم وحسن اختيارهم وتطور المهنة يتحلى المرضى بصحة نفسية تزودهم بالامل والطاقة التي تحسن من فرص تجاوبهم مع العلاج والاستجابة له. الملفت في نظمنا الطبية اننا اخترنا ان نسمي القائمين على برامج التطبيب والاستشفاء بالممرضين بالرغم ان وظيفتهم ورسالتهم تتلخص في تخليص المصابين من المرض والمساعدة على الوصول بهم الى حالة من التعافي والخلو من المرض.
في الثقافة الغربية يسمى الاشخاص الذين يتولون ادوار تنفيذ توصيات الاطباء من ادارة العلاج وحماية المريض من التهديدات الصحية ورعايته الشخصية والغذائية والإشراف على حالته بـ "الـ nurse ", ويبتعد هذا الاشتقاق اللفظي عن المرض ويتجه نحو الرعاية "والاهتمام وادامة الحيوية والحياة كما في حضانات الاطفال التي يطلق عليها nursery والمشاتل الزراعية حيث تحتاج النباتات والاطفال في مراحل اعمارهم الاولى الى الاهتمام والرعاية من اجل ادامة الصحة والحياة.
بالنظر الى كل العاملين في المهنة المتعلقة بصحة الانسان فان جميع الاشتقاقات للمسميات ترتبط بالصحة باستثناء التمريض الذي ارتبط بالمرض فهناك الصحة، وزارة الصحة، والتأمين الصحي، والطبيب والعلاج، والمستشفى وجميعها تتوجه للشفاء والتخلص من المرض باستثناء التمريض. كنت وما أزال اتساءل؛ هل لذلك علاقة في الانطباع الذي يتولد لدى المرضى والجمهور عن الممرضين والتمريض؟ ولماذا تؤدى المهنة في مجتمعاتنا بصورة تختلف عنها في الثقافات الاخرى.؟ في كثير من الاحيان تجد العاملين في المهنة عابسين ويتحركون بخطى فيها تثاقل وكأنهم لا يقبلون على العمل بالحماس والدافعية التي يتطلبها العمل.
نصف العلاج أمل وايجابية وجمع للقوى لتجاوز العارض الصحي. وأداء الدور يتوقف على مستوى الروح المعنوية التي يتحلى بها طالب الاستشفاء. العيش في اجواء فيها توتر ووجوم وصمت وتثاقل لا يخدم مكافحة المرض ولا تطور المهنة.
لا أدري هل أثّرت التسمية بالعربية على اداء العاملين ام ان ثقافتنا تحتاج الى توعية من نوع خاص لاساليب التعامل مع المرض، ليس بصفته مصيبة بل كعارض له اسباب يمكن تجاوزها بالاستجابة للمسببات والتعاون بين الكوادر وبعث الأمل.