الأردن.. كيف تعدّى العاصفة ؟
سألني قبل أيام صحافي أميركي: كيف تعدى الأردن العاصفة ؟ قاصدا الربيع العربي.
فأجبته أن الأردن يعرف How to survive وأنه دولة رخوة soft state يعيش وسط دول أكثر قوة ولربما ديكتاتورية، ويعرف كيف يتحرك وينحني بمرونة أمام العواصف لتمر.
اضف إلى ذلك أن النظام تعامل تاريخيا مع المعارضين بوسطية وتسامح، فكان يقرص أذنا ويعضّ المعارضين لكن لا يكسر أياديهم (واستثناء كانت غلطة من الأمن كسر يد الزميل سامي محاسنة اثناء تغطيته أحداث ساحة النخيل الذي سامح الدولة أيضا)، ولو تعامل بالقتل والإعدامات كما في العراق وغيره لكان قد تغير الوضع.
ورويت له كيف أن الملك الراحل عفا عن المعارض ليث شبيلات وأخذه بسيارته إلى منزل والدته يوم العيد فانبهر بهذه المعلومة. وأضفت ليس هذا فقط إنما في أوقات سابقة عيَّن من اتهموا بمحاولة انقلاب وزراء.
والناس يميلون إلى إجراء مقارنات، فعندما يرى الناس كيف انتقلت ليبيا من دولة ديكتاتورية إلى اللادولة والدمار الشامل في سورية وانشغال مصر بمشاكل كثيرة، استخدم العقلاء مكابح عقولهم كما سياراتهم.
كما كان النظام أكثر ذكاء في ردود أفعاله تجاه المظاهرات والهتافات المتطرفة، فكان كالإسفنجة الماصة ولم تسل الدماء. أضف إلى ذلك تعديل ثلث مواد الدستور وانشاء المحكمة الدستورية.
وعندما سألني عن اعتقال نائب المرشد العام للإخوان المسلمين زكي بني ارشيد أجبته: أعتقد أنه لو كال تهمه لرئيس وزراء الأردن لما جرى له شيء، ولما تم اعتقاله أما الإمارات والسعودية ودول الخليج العربي فتلك مسألة أخرى لأنهم يرون الإساءة اليها أشبه بعضّ اليد التي تطعمك.
وسألني هل ينطبق الأمر على الولايات المتحدة والمانحين الأوروبيين ؟ فأجبت: لا لأن أميركا والاوروبيين يعرفون قيمة حرية التعبير.
وبالنسبة لصورة الولايات المتحدة في المنطقة، قلت له إن أميركا تصرف مليارات الدولارات على الصواريخ لضرب داعش وغيرها، وهذا لن يحل المشكلة، فكما جاء في دستور اليونسكو فإن السلام يُبنى في العقول، وأنصح الخارجية الأميركية بتمويل دعوة مليون شاب عربي ومسلم لزيارتها لمدة شهر، فلربما يكون ذلك أقل ثمنا من الذي تدفعه وستدفعه في المستقبل، فالحوار والاستماع للآخر أفضل طرق التفاهم. وأشرت له أني دعوت أميركيين إلى شقتي في بنسلفانيا وطبخت لهم المنسف الأردني المشهور الذين اعتبروه نوعا من الحوار الثقافي، ولربما أفضل من صراع الحضارات، فضحك كثيرا وانتهى اللقاء.