"انضبوا في البيت"!!
لا يجوز أن تمرّ عبارات النائب العصابيّة بخصوص زميلاته في المجلس وبخصوص المرأة ودورها، دون أن تقوم الدنيا ولا تقعد!! فلم نسمع أنَّ المجلس انعقد لبحث اللغة الهمجيّة التي تُستَخدم تحت قبَّته أحياناً، ولا تلك التي تنافي شرائع حقوق الإنسان، أو تلك التي تنضح بالكراهية للآخر على أساس الجندر (الجنس) أو الإقليم أو الدين!!! فإذا كان المجلس هو الجهة الوحيدة المخوَّلة لإصدار التشريعات التي تحفظ على البلد طمأنينته وعلى المواطنات والمواطنين إنسانيَّتهم، فإنَّ أولى مهماته تنقية قمحه من الزوان الذي يحفلُ به! أي الأخذ بحزمٍ على يد كلِّ من يتجاوز الخطَّ الأحمر في سلوكه ولغته!!
فالحصانة يجب أن لا تشملَ السبابَ والشتائم والتهديد بالسلاح والفحشَ في القول والتحريضَ على الكراهية!! وإلا فما هو ليس فحشاً إن مرَّرنا العبارات التي نطقَ بها حضرة النائب بخصوصِ النساء والتلميح بأنَّ مكانهنَّ الطبيعيّ هو المخدع؟ وكيف يمكنُ التراخي أمامَ هذه الظاهرة التي لا تتوقَّف عن مفاجأتنا بجديدٍ من العزفِ على لغة العنفِ والثقافة المشوّهة والسوقيّة؟؟ وجديدُها هذه المرَّة يطالُ النساء وتاريخهنَّ في النضال ضدَّ التعصُّب والدونيَّة التي حُشرْنَ حشراً تحت لوائها البغيض! فقد تعبت النساء وهنَّ يواجهن أقدارهنَّ التي رسمتها لهنَّ الثقافةُ الذكوريَّة، ونحَّتهنَّ لآلافٍ من السنين، عن المشاركة في صنعِ الحياةِ والتمتُّع بها، مع أنَّهنَّ هنَّ اللواتي ينُجبنَها!! وفيما عدا الحبَل والولادة، وهما مهمَّتان بيولوجيتان لا فضلَ للثقافة ولا للإنسان فيهما، فإنَّ خدمة الذَّكر وطاعته هما ما أضافَه هذا الذَّكر إلى المرأة من دورٍ... بل حدَّدها به... بل ابتكرَ من أنواعِ التَّعنيف النَّفسيّ والجسديّ والقسوة العقليّة ما بها يعاقِبُ إذا ما حاولت الخروجَ على المرسوم!! فما بالك بالكلام الكبير كالشراكة في التنمية وإعمار الكون والأوطان والسلوك الديموقراطيّ ونشر الوعي..... إلخ؟
المؤلم في حادثة المجلس النيابيّ الأردنيّ قبل أيام، ليسَ فقط في رفضٍ لفظيٍّ للزمالة النسائيّة من أحد النواب، وتنديده بالدور السياسيّ الذي تقوم به المرأة، وشتمه لمن أوجد الكوتا النسائيّة، وتحديد دور المرأة في بيتها ومخدعها، بل في صمتِ المجلس عن معاقبة المسيء، والسعي لرفع الحصانة عنه!!! فكيفَ لشخصٍ على هذه السويَّة من التَّفكير والعداءِ والجينوفوبيا (مرض الخوف من النساء) والميسوجينيا (مرض كره النساء) والسلوك الإقصائيّ أن يُؤتَمن على الشرائع، ومراقبة الحكومة في تطبيقها، وفي إدارة شؤون البلد؟
وإذا أنّا – كنِساء ومتنوّرين وفقهاء تحضُّر- لن نشارك في كتابة بشاعة التاريخ التي تخطُّها الشوفينية التافهة دوماً ويدمغها السكوت الجبان، فأنا من منبري هذا أدعو المجتمعَ الأردنيّ للتوقيع على حملة "آفاز" تحت عنوان: "لا تقعدي يا هند" التي تتصدى للحادثة الأردنيَّة البشعة، كما أدعو منظَّمات المجتمع المدنيّ لتشكيل لوبي للضَّغطِ على المجلس لإيجاد قانونين: الأوَّل يغلِّظُ العقوبة على التَّمييز ضدَّ النساء، والثاني يضبط سلوك النائب والنائبة تحتَ القبّة وخارجها، ولا يسمح، باسم الحصانة، بممارسة خطابٍ أو سلوكٍ يحضُّ على الكراهية، أو بمخالفة الشَّرائع الدَّوليّة وحقوق الإنسان والإنسانيّة وحقوق المرأة والبيئة والحياة المشتركة على هذا الكوكب....
دعونا لا نفقد الأمل.....!