إضاءة على نصوص " تعالوا نشد الوقت " للكاتب الفلسطيني أمير الطردة









إضاءة على نصوص " تعالوا نشد الوقت " للكاتب الفلسطيني أمير الطردة  


اخبار البلد - بقلم : صابرين ع.ف

عندما يكون الانتماء هو الدافع والمحرك للكتابة فإن إيقاظ الوجع الغائر في دوامة السلوكيات الممارسة بحق الإنسانية وانتقادها هو الفكرة الرئيسية التي يكتب من خلالها الفلسطيني .. ذلك الحب الفكري يحرك شفاه القلم لتتكلم وتجود علينا بملامح وتقاسيم السهل والجبل ..

أصدق ما يُدون هو النزيف الكتابي في عشق الوطن بكل كينونته مداعباً كل نبضة في قلوبنا وهذا ما يفعله أمير الطردة في " تعالوا نشد الوقت " ..
للوقت أهميته فهو سباق العمر الذي يمضي .. والوقت هو الفرصة الوحيدة لكشف الحقائق لرؤية المعدن البشري " الناس أجناس " .. في مجتمع يحتاج منا إلى وقفة عند سلوكيات أفراده وبحث المشكلات والموضوعات الاجتماعية داخل إطاره المُسير وليس المُخير .. تسليط الضوء على مفاهيم إنسانية  ( كالضمير , الحرب , الرقابة , الفقد والغياب ) كل هذه القضايا تحتاج من الإنسان التأمل والتفكر بها .. هذا الوقت يحتاج منك أن تكون دقيقاً ومنظماً .. الكتاب في كل محاوره يناقش المثابرة والمقاومة والممارسات التأملية  مما يحذو بالكتاب نحو الأدب التربوي الموضوعي ..  

يطرح أسئلة وجودية تحث القارئ على البحث عن إجابات .. أسلوبه عميق في الطرح بشكل رمزي .. الرمزية لديه وسيلة يخاطب بها حواس وعقل المتلقي ..تكاد نصوصه تكون سردية في نوع أدبي هو الرسائل والمذكرات كما في نصه " صديقي الراصد الجوي " لولا الشكل الخارجي لبعض النصوص التي أعطتها الشكل الشعري المجازي والمختزل للفكرة اللغوية والضمنية وربط هذه الخيوط بالعنوان الرئيسي للكتاب كما في نص " ابنة الحب " ونص " تفاصيل الوقت " ..  

تأثره بالشعراء الفلسطينيين أمثال محمود درويش وتميم البرغوثي واضح وصريح خاصة في النصوص الوطنية  كما في نص " جدار وبارود " ونص " غيمة عابرة وحكايات " ونص " وقفات صغيرة " حينما يتحدث عن غزة ومخيم اليرموك وهي قضايا تمس الوجع الفلسطيني في الصميم ..

 كذلك تأثره بالقرآن الكريم واستخدام مفردات قوية بليغة مثل : غيابة الجُبّ .. هناك تكرار لبعض المفردات كالغيمات الوقت السرمدي وكلها تحفظ دلالاتها المعنوية .. فهو يحلم بمجتمع يرقى بناسه وأهله ويرى أن الحل ينبع من داخل الفرد وتصميمه وإصراره على مهادنة الوقت وكسبه لصالحه وتحقيق أحلام وطموحات فلسطينية .. ترواح المخاطب في كتاباته بين " هم " المجموعة والمقصود المجتمع وبين " هي " الأم والأرض الملهمة    للكتابة .. لغته بسيطة وجمله قصيرة مكثفة مستوحية من الواقع والطبيعة ..

سحرني هذا المقطع من نص " المؤسسات قصائد " والذي يحمل في المعنى الظاهري معنى عميق وهو الجذر المتأصل الذي يُبنى عليه الشيء .. إن كان الأصل عفناً فالوقت كفيل بأن يرينا الوجه الحقيقي الصدئ للشيء وإن كان جميلاً من الخارج فلبه نقي نلمس أثره ونحسه في سرمدية العمل الذي اجتهد عليه الشخص أو المؤسسة أو حتى المجتمع :

" فالقصيدة مثلاً , وميضها اللامع في فكرتها القويمة والصادقة , وليس في جمال الخط أثناء كتابتها , لأن الخط يتجدد مع الوقت , وأما الفكرة فتظل غارقة في الروح بذات المعنى , وتعلق على جدران الحقيقة بعد الرحيل . "

نصوص " تعالوا نشد الوقت " صادر حديثاً عن دار فضاءات للنشر والتوزيع الأردن .