الحرب البرية على داعش حربنا

أخبار البلد - 
 
سيكون الأردن هو الخاسر الأكبر على نحو مباشر اذا بقي داعش يسيطر على أجزاء واسعة من العراق وسورية تتصل بالأردن على نحو مباشر جغرافيا واجتماعيا، والعكس صحيح أيضا فإن وجود حكم مستقر وصديق للأردن في سورية والعراق يمثل أولوية قصوى، ففي ذلك فقط يمكن السيطرة على الارهاب المنظم والمسلح والجرائم وغياب القانون، وفي ذلك فقط نضمن حركة تواصل ونقل تجاري واجتماعي وثقافي وتعليمي وسياحي آمنة ومزدهرة.

مقولة إن الحرب على داعش والتنظيمات الإرهابية والخارجة على القانون ليست حربنا غير واقعية وغير صحيحة أيضا في الأخلاق والسياسة، فسيطرة الجماعات الارهابية والخارجة على القانون على المدن والمناطق العراقية وبخاصة في غرب العراق يمثل تهديدا مباشرا للأردن، وخسارة عظيمة لحليف اجتماعي عراقي، فالعشائر العراقية في غرب وشمال غرب العراق تمثل عمقا اجتماعيا للأردنيين، والعراق بعامة يمثل جارا وحليفا مهما لا يمكن الاستغناء او التخلي عنه.

ويبدو صحيحا أيضا القول إن نمو داعش في مناطق العرب السنة كان بسبب السياسات والمواقف المتطرفة والاقصائية لحكومة المالكي في بغداد، والشعور السنّي (العربي والكردي) بعدم الرضا والاستهداف ومحاولة التهميش والاقصاء، كما أفشلت حكومة المالكي مشروع الصحوات الذي كان سدا قويا أمام التطرف، ولاحقت القيادات العربية السنية المعتدلة والتي شاركت في المشروع السياسي العراقي بعد 2003.

ربما كان الموقف الأردني حرجا وصعبا في أثناء العداء والخلاف بين العرب السنّة والولايات المتحدة، ولكن في هذه المرحلة التي ينظر فيها السنّة الى الولايات المتحدة والى الأردن ودول الخليج العربي كدول صديقة يمكن أن تساعد في تحقيق العدالة والاستقرار في العراق والتوازن بين مكوناته والتصدي للتأثير الاقليمي الذي مزق العراق وسورية ولبنان، فإن المشاركة المباشرة بكل ما يمكن عمله تمثل لحظة تاريخية سوف يكون لها ما بعدها.

ففي حالة الانتصار على الإرهاب وتحقيق الاستقرار وسيادة الدولة والقانون سوف يكون للأردن فضل كبير في القضاء على ملاذات الإرهاب والجريمة وتقليل فرص هيمنتها وامتدادها إلى الأردن وغيره من الدول، ويكون شريكا مهما في النتائج والمكاسب الاقتصادية والسياسية.
يجب أن نواجه أنفسنا بأنه لا يمكن مواجهة داعش اعتمادا على مجموعات وتشكيلات عشائرية فقط، صحيح أن المدن والعشائر العراقية تمثل كتلة رئيسية وحاسمة في الحرب ولكنها لن تستطيع ترجيح المعركة من غير قوات احترافية مسلحة ومنظمة تدعمها وتدربها وتنسق جهودها، ويبدو أيضا أن القوات العراقية النظامية غير قادرة بعد على اكتساب ثقة الناس وتعاونهم في غرب وشمال العراق.
ومن المؤكد أيضا أن مواجهة عشائر سنية موالية لداعش سوف يكون مكلفا ومرهقا سياسيا ومعنويا، ولكن يجب أن تشعر القوى الاجتماعية السنية الرافضة لداعش أنها تملك خيارا أفضل من داعش وإذا كانت ترى في حكومة بغداد خيارا أسوأ فإن الحرب خاسرة سلفا.