مهنة تدقيق الحسابات وهيئات الرقابة ذات العلاقة
الهيئات الرقابية ذات العلاقة هنا، هي التي تراقب وتسعى للرقي بأداء المنشأت الاقتصادية كمدخل لحماية الاقتصاد الوطني كهدف استراتيجي، وكاهداف اخرى ذات علاقة بحماية الممولين والعاملين والمساهمين فيها بالإضافة الى حفظ حقوق الخزينة بشكل عام.
مهنة تدقيق الحسابات هي المهنة الاكثر تقاطعاً مع المؤسسات المختلفة سواء كانت اقتصادية او سياسية او اجتماعية خلافاً لباقي المهن التي يقبل عليها الناس بارادتهم ووفق حاجاتهم فالطبيب يأتي اليه الناس المحتاجين لمهنته وكذلك الامر بالنسبة للمهندس او المحامي.....الخ اما المدقق فإن التشريع هو الذي يفرض على الهيئة العامة للمنشأة انتخابه وبالنتيجة فانها المهنة (التدقيق) الاكثر اهتماماً من قبل السلطات او الناس بشكل عام، ونتيجة لذلك فإن اهتمام المجتمعات فيها كان مبكراً، وتطور هذا الاهتمام وفقاً لتطور الاقتصاد الوطني لبلدان العالم، وهنا كان للثورة الصناعية في اوروبا الدور الابرز في الاهتمام بها.
تدقيق الحسابات (Auditing) هي كلمة مشتقه من التعبير اللاتيني (Audore) وتعني الاستماع، حيث كانت البدايات في التدقيق تستند الى الاستماع الى ما قام به المحاسب من قيود محاسبية سماعياً وكان يعاقب بعقوبة الجلد كل من يُكتشف انه اجرى قيوداً غير سليمه.
ظهرت اول منظمة مهنية في العالم في فنيسيا عام 1581، حيث تأسست كلية (روكوناتي) التي اشترطت على من يطلب عضويتها باجتياز الامتحان الذي تجريه الكلية وفي سنة 1669، اصبحت العضوية في هذه الكلية شرطاً من شروط مزاولة المهنة في ايطاليا تلا ذلك بريطانيا في سنة 1773، حيث تم انشاء جمعية المحاسبين القانونيين في ادنبره تلاها فرنسا في سنة 1881 واميركا في سنة 1882 والمانيا في سنة 1896.........الخ.
في الاردن كان الاهتمام بالمهنة مبكراً من عمر الدولة الاردنية فقد تم الاشارة اليها من خلال قانون ممارسة المهن لدى أمانة عمان حتى سنة 1961، حيث وضع القانون رقم 10 تلا ذلك القانون رقم 32 لسنة 1985 حتى استقرت المهنة بالقانون رقم 73 لسنة 2003.
نظراً لهذه الاهمية انشأت القوانين الثلاثة في الاردن هيئات مهنية للاشراف على المهنة والعاملين فيها وكان لهيئات الرقابة الدور البارز فيها، فالبنك المركزي، هيئة الاوراق المالية، مراقبة الشركات، هيئة التأمين، دائرة ضريبة الدخل والمبيعات، ديوان المحاسبة، وزارة الصناعة، وزارة المالية بالاضافة الى مشاركة اساتذة المحاسبة في الجامعات الاردنية تعبيراً عن اهمية المهنة لدى المشرع والسلطة التنفيذية وانعكاساً لمكانة المهنة لدى المجتمع بشكل عام.
في القانون رقم 73 لسنة 2003 تم اشراك الصف الاول من هرم الادارة في هذه المؤسسات فوزير الصناعة رئيساً للهيئة العليا للمهنة ووزير المالية نائباً له وبعضوية رئيس ديوان المحاسبة، ومحافظ البنك المركزي/ رئيس هيئة الاوراق المالية، مراقب عام الشركات، مدير هيئة التأمين رئيس جمعية المحاسبين القانونيين/ استاذ جامعة/ شخص من ذوي الخبره والاختصاص وثلاثة من المحاسبين القانونيين المزاولين لمهنة التدقيق، هذه الهيئة انبثق عنها لجنة لترخيص المحاسبين القانونيين برئاسة رئيس ديوان المحاسبة وثلاثة من الهيئة وثلاثة من خارجها احدهم استاذ جامعة واثنين من المرخصين القانونيين المزاولين للمهنة اما الاشراف على الاعضاء والمهنة معاً فكان بإنشاء جمعية للمحاسبين القانونيين استمراراً لجمعية مدققي الحسابات التي انشأت بموجب الماده (18) من قانون المهنة رقم 32 لسنة 1985.
ضمن السياق اعلاه تأتي اهمية ودور هذه الهيئات في الحفاظ على مستوى عال للمهنة وفي الحد من الاعتداء عليها سواء كان هذا الاعتداء تشريعياً او كان مخالفاً لنصوص التشريعات او غياب التعاون لتفعيل هذه التشريعات لما فيه مصلحة لاقتصادنا ووطننا.
ان التخلص من هذه الاعتداءات يبدأ بالعمل على تعديل كافة التشريعات التي تتناقض نصوصها مع نصوص قانون المهنة وهنا استعرض بعض النصوص القانونية وما انبثق عنها من تعليمات شكلت اعتداءً صارخاً على المهنة واربك العاملين فيها وعزز من غياب العدالة فيما بينهم مما يهدد سوية المهنة ورفعتها وتقدمها.
فيما يلي استعراض للتشريعات ولتعليمات بعض الهيئات التي تتعارض نصوصها وادوارها مع نصوص قانون المهنة الساري:-
1.قانون البنوك رقم 28 لسنة 2000
صنف قانون المهنة رقم 32 لسنة 1985 المدققين الى فئات ثلاث أ، ب، ج وتبعاً لذلك تم تصنيف الاعمال الى ثلاث ايضاً (أ، ب، ج) وفق نظام تصنيف مدققي الحسابات رقم 30 لسنة 1986 تلا ذلك القانون رقم (73) لسنة 2003 الذي الغى التصنيف اعلاه ليصبح المرخصين متساويين بعد ان اصبح (99%) منهم ممن يحملون الدرجه الجامعية الاولى.
نصت الماده (61) من قانون البنوك على ما يلي (للبنك المركزي الحق سنوياً باعداد قائمة بين مدققي الحسابات المصنفين بأعلى درجات التصنيف وفق احكام التشريع الساري وعلى البنك (المرخص) ان يختار من بين هذه القائمة من يعينه مدققاً لحساباته السنويه).
تتفق هذه الماده مع القانون رقم (32) لسنة 1985 الملغي من حيث التصنيف الا انها تتناقض معه من حيث اعطائه حق اعداد قائمة من المدققين، فالقائمة من المزاولين هي التي رسم لها القانون موضعاً في الجريده الرسمية، حتى يعود اليها القطاع العام والخاص عندما يريد ان ينتخب او يعين مدققاً لحساباته وللبنك المركزي الحق بالاعلان عن فتح سجل للراغبين في تدقيق البنوك والشركات الخاضعة لرقابته دون تحديد لشروط عدا شرط ان يكون مسجلاً في سجل المزاولين لدى الجمعيه.
تخالف الماده (61) من قانون البنوك ما ورد في قانون المهنة الساري رقم 73 لسنة 2003 بعد ان الغي التصنيف الذي كان موجوداً بموجب نظام التصنيف لسنة 1986، حيث اصبح المرخصين لمزاولة اعمال التدقيق قادرين على تدقيق كافة الشركات والمؤسسات وبالتالي فإن نص الماده اعلاه الوارده في قانون البنوك لا تتفق مع ما ورد في قانون المهنة، وحيث ان قانون المهنة يعد حضاً للمدققين وفق ما ورد في الماده (49/هـ) منه التي نصت على ما يلي: ( لا يعمل بأي نص ورد في أي تشريع اخر الى المدى الذي يتعارض مع احكام هذا القانون والانظمة الصادرة بمقتضاه) وحيث يتناقض نص الماده (61) مع نص هذه الماده فإن الماده (61) تعتبر في حكم الملغاه قطعاً.
لكن البنك المركزي لم يكتف بذلك النص بل تجاوز ذلك باصدار تعليمات رقم (58/ 2014) ( الحاكمية المؤسسية للبنوك ) والتي ورد في الماده (18) منها ما نصه ( على مجلس اداره البنك ضمان تدوير منتظم للمدقق الخارجي بين مكاتب التدقيق..... كل سبع سنوات كحد اعلى ) مخالفاً في ذلك نص الماده (33) من قانون المهنة رقم 73 التي نصت على (لا يجوز اختيار محاسب قانوني لتدقيق حسابات الشركات المساهمة العامة والخاصة وذات المسؤولية المحدوده مده تزيد على اربع سنوات متتالية ) كما ان استبدال المدقق الخارجي (الشخصي الطبيعي) بمكاتب التدقيق يخالف ما ورد في الماده (2) من تعريف للمحاسب القانوني بأنه (الشخص الطبيعي) مما يجعل من نص الماده (61) والتعليمات الصادرة عن البنك المركزي المتعلقة بتعيين مكتب المدقق الخارجي مناقضة لقانون المهنة والانظمة الصادرة بموجبه وخاصة نظام المزاولة رقم 7 لسنة 2006 الذي اعطى الحق للمحاسب القانوني المزاول لاعمال التدقيق، من تدقيق كافة الشركات.
كما نصت الفقره (ج) من الماده (23) من التعليمات على (البنك المرخص) اعلام البنك المركزي قبل (30) يوماً على الاقل من تاريخ اجتماع الهيئة العامة عن رغبته بترشيح المدقق الخارجي لانتخابه او اعادة انتخابه من قبل الهيئة العامة) وهذا النص اضافة الى انه يصادر حق الهيئة العامة بانتخاب مدقق الحسابات وفق ما ورد في قانون المهنة فهي ايضاً تتعارض مع الماده (192) من قانون الشركات التي اعطت الحق للهيئة العامة بانتخاب مدقق حسابات او اكثر دون تدخل من ادارة الشركة المساهمة العامة (البنك).
لإزالة هذا التعارض، ولما تمثله هذه التعليمات من تكريس لتصنيف المدققين والتمييز بينهم خلافا للقانون وفي مصادرة حق الهيئة العامة في انتخاب المدقق وفي تزكية زملاء على حساب زملاء اخرين، فإنني ارى ان يصار الى ايجاد نص في القانون الجديد للمهنة، يسمح في المشاركة ما بين مدقق حسابات شريك لمكتب دولي مثلاً ومدقق حسابات عامل او مالك لمكتب محلي لتدقيق حسابات البنك او الشركة المساهمة العامة او الخاصة بشكل عام ووفق تعليمات خاصة تصدر عن الهيئة العليا للمهنة لتنظيم العلاقة ما بين الزميلين والشركات موضوع التدقيق.
2.تعليمات هيئة الاوراق المالية:
تحدثت الماده (12) من قانون الاوراق المالية رقم (76) لسنة 2002 عن صلاحيات مجلس مفوض الهيئة ونصت في الفقره (ن) منها على ما يلي: ((تحديد المعايير والشروط الواجب توافرها في مدققي الحسابات المؤهلين لتدقيق حسابات الجهات الخاضعة لرقابة الهيئة واشرافها)) خلافاً لما نصت عليه المواد (21/22/30) من قانون المهنة رقم 73 لسنة 2003 التي اكدت على حق المحاسب القانوني المزاول لاعمال التدقيق من تدقيق حسابات كافة الشركات والمؤسسات التي يلزمها القانون بانتخاب مدققاً لحساباتها، كما إن ما ورد في نص الماده (49/جـ) من قانون المهنة رقم (73) لسنة 2003 التي نصت على (لا يعمل في أي نص ورد في أي تشريع اخر الى المدعى الذي يتعارض مع احكام هذا القانون....) يعطل هذا النص وبالتالي لا يسمح لمجلس المفوظين في وضع شروط ومعايير غير وارده بقانون المهنة الذي رخص لهؤلاء ممارسة المهنة ووضع شروطاً قاسية لترخيصهم تبدأ بالجنسية الاردنية والشهاده الجامعية الاولى وشهادة عدم المحكومية واجتياز امتحان مهني وتشريعي وما بعد الترخيص تقديم شهاده بالتعليم المستمر سنوياً.
استناداً للفقره (ن) من الماده (12) من قانون الاوراق المالية اصدر مجلس المفوظين في جلسته المنعقد بتاريخ 21/10/2014 القرار رقم 333/2014 المتضمن اقرار تعليمات المعايير الواجب توافرها في مدققي الحسابات المؤهلين لتدقيق حسابات الجهات الخاضعة لرقابة هيئة الاوراق المالية واشرافها، وحيث ان هذه التعليمات استندت الى ماده تتعارض مع نصوص قانون المهنة فإن ما ورد في هذه التعليمات من مواد مناقضه للقانون، وحرى بنا العمل على منع تنفيذها والتي يمكن استعراضها وفق ما يلي:-
1.السجل الوارد في الماده (2) من التعليمات:
اعطى السجل الحق لبعض الزملاء في التسجيل فيه، خلافا لأحكام الماده (30/أ) من قانون المهنة رقم (73) والماده (6) من نظام المزاولة رقم (7/2006) التي أعطت الحق لكل المرخصين المسجلين في سجل المزاولين لمهنة التدقيق بتدقيق كافة الشركات سواء كانت مساهمة عامة، خاصة، محدوده، المسؤولية، بالإضافة إلى المؤسسات والجمعيات وغيرها.
2.إن الخبره المطلوبه الوارده في البند (ب) من الماده (4) من التعليمات تتناقض مع نصوص قانون المهنة ونظام المزاولة وإنها ماده تكرس هيمنة من يدققون حسابات الجهات الخاضعة لرقابة الهيئة، فمن أين تأتي الخبره للزملاء المرخصين حديثاً أو الزملاء اللذين لم يدققو هذه الجهات قبل إقرار هذه التعليمات؟ مما يتناقض مع قانون المهنة الذي خلت مواده من تصنيف المدققين ولم يضع شروطاً على مدققي هذه الجهات أو غيرها، لا بل فقد الغى قانون المهنة الساري ما ورد في القانون رقم (32) لسنة 1985 (الملغي) الذي أتى على تصنيف المدققين إلى فئات ثلاث بعد أن صنف الأعمال ايضاً إلى ثلاث هي (أ،ب،جـ).
3.شروط التسجيل في السجل وفق التعليمات:
فرضت الماده (22) من قانون المهنة ستة شروط للراغبين في الترخيص والتسجيل في سجل المزاولين لأعمال التدقيق أو أعمال المحاسبة من بينها أن يكونو غير محكومين بجناية مخله بالشرف (براءة ذمة) واجتياز الامتحان الذي تجريه لجنة الترخيص، وفق تعليمات تتضمن الامتحان في (13) قانون منها قانون الأوراق المالية والأنظمة والتعليمات الصادرة بموجبه، بالاضافة الى قوانيين الشركات، البنوك، الضرائب، المهنة، الضمان،.... الخ بالاضافة الى الخبره لمده لا تقل عن ثلاث سنوات تحت اشراف محاسب قانوني.
أما اشتراط شهاده خبره من مكتب التدقيق للراغبين في التسجيل في سجل هيئة الاوراق المالية فينسحب عليها رفض شرط الخبره من حيث المبدأ لأنها تحمل اجحافاً بحق الزملاء وتمييزاً فيما بينهم وتكريس لتدقيق هذه الجهات من قبل من يدققونها حالياً فقط!؟.
4.التصنيف وفق الماده (6):
تأتي هذه الماده من التعليمات لتكرس مبدأ تصنيف المدققين؟ الذي تم تجاوزه بقانون المهنة رقم (73) لسنة 2003 بعد أن كان سارياً اعتباراً من سنة 1985 حتى سنة 2003 حيث سمح المشرع لكل من يجاز بموجب قانون المهنة الساري في ان يدقق كافة المنشأت التي تلزمها تشريعاتها بانتخاب مدقق حسابات قانوني وان ربط هذا الحق بتوقيع إقرار خطي بالإضافة إلى تحديد أعداد العاملين في المكتب أو فرض وجود زميل آخر لمجرد التسجيل في السجل فيه حرمان للزملاء من حق المنافسة بالإضافة إلى انه مخالف لقانون المهنة.
عمليا إن انتخاب أي زميل من قبل الجهات الخاضعة لرقابة الهيئة سيفرض حتماً على الزميل الاستعانة بمدقق مجاز أو مدققين مؤهلين من غير المجازين بالإضافة إلى ان هذا الانتخاب سيفرض عليه دراسة التشريعات من قوانيين أو أنظمة أو تعليمات صادرة عنه أو أي تشريع ذا علاقة، رغبه منه بالاستمرار في تدقيق حسابات هذه الجهة وتلافياً للمسؤوليات التي رتبتها التشريعات على مدققي هذه الشركات من جهة اخرى.
يتضح هنا التكرار بالشروط ما بين الماده (4) وهذه الماده والماده (5) ايظاً.
5.الموافقة على طلب القيد في السجل:
حددت الماده (20) والماده (22) والماده (30) من قانون المهنة شروط الترخيص لمزاولة لمهنة، والمنع من ممارسة المهنة من غير المرخصين والجهات التي يحق للمحاسب القانوني من تدقيق حساباتها أو العمل كمحاسب في وظيفة رئيسية لديها، وبالنتيجة فإن الماده (7) من التعليمات أعطت الحق لمجلس مفوضي الأوراق المالية بترخيص المدققين من جديد وهذا لا يستقيم مع القانون.
6.عدد سنوات التدقيق والمكتب الواحد:
سمحت الفقره (7) من الماده (8) من التعليمات في أن تنتخب الجهة الخاضعة لرقابة الهيئة مدقق الحسابات مره أخرى ولمدة (4) سنوات وأكدت أن من حق هذه الجهة انتخاب زميله في نفس المكتب بعد الاربع سنوات اعلاه، مما يفقد هذه الماده غايتها، فالصحيح والأكثر عدالة والأكثر انسجاماً مع غاية المدققين أن يصار إلى تضمين القانون الجديد لنقابة المحاسبين القانونيين التشاركية بين الزميل الشريك لمكتب دولي مثلاً وزميل أخر مالك أو يعمل في مكتب محلي منعا لهيمنة بعض المدققين على أعمال الشركات بشكل عام وبسطاً للعدالة التي أكد عليها قانون المهنة بشكل خاص.
7.الأخطاء المهنية والمخالفات القانونية:
أعطت التعليمات الحق لمجلس المفوظين واللجنة المشكلة من رئيس الهيئة وفق الماده (10) منها بالتحقيق وإيقاع عقوبة الحرمان بحق المدققين المسجلين في السجل من تدقيق حسابات الجهات الخاضعة خلافاً لما نص عليه قانون المهنة الذي رسم خطاً واضحاً لحق الجهات المختلفة المتضررة من عمل مدقق الحسابات بشكل عام، من التقدم بشكوى أمام مجلس ادارة الجمعية أو القضاء، مما يشكل سابقة خطيرة تجعل من المدققين خاضعين للمسآله وللمحاسبة من أطراف كثيرة بالاضافة الى ان قانون الاوراق المالية منح الهيئة سلطة للاشراف على الجهات الخاضعة لها ولم يمنحها سلطة على المدققين، فالقضاء هو الجهة الوحيده والمرجع الذي من حق المتضررين اللجؤ إليه وهذه هي العدالة بعينها، أما في البعد المهني فإننا لا نقبل غير الجمعية كمرجع في استقبال الشكاوي والدعاوي ضد المدققين وهذا موضوع قانوني ومهني على حدٍ سواء وهنا نؤكد على عدم وجود أي تشريع يمنح هيئات الرقابة الحكومية الاعضاء في الهيئة العليا، حق إجراءات التحقيق والتأديب للمدققين انسجاماً مع ما ورد في قانون المهنة رقم (73) لسنة 2003 ونظام المزاولة رقم (7) لسنة 2006 تصحيحاً لما كان معمول به في القانون السابق حيث كان رئيس ديوان المحاسبة هو من يشكل لجان التحقيق وإصدار العقوبة المناسبة بحق المدققين في القضايا التي كانت تنظر حصراً من قبله.
هنا لابد من الاشارة الى أن باقي المهن محصور حق الشكوى ضد العاملين فيها مهنياً بالنقابات وجزائياً وحقوقياً لدى المحاكم النظامية.
على ضوء ما تقدم فإن هذه الشروط مخالفة لنصوص قانونية تعتبر في مرتبة تشريعية أعلى من التعليمات، وهي مجحفة بحق المدققين ادعو للعمل بكل الوسائل من اجل رفضها والسعي لايجاد تجمع مساند لمجلس ادارة لجمعية او لأي من الزملاء لدعم هذا الرفض رسمياً، وفي حالة عدم الاستجابة لذلك، اللجؤ الى المحكمة الدستورية لاسقاط هاتين المادتين اللتان تتناقضان مع نصوص قانون المهنة، لارتباطهما بتشريع المهنة الذي تم الغاءه.