عاصفة الأسواق المالية مع تراجع أسعار النفط.. هل هي مبررة ؟


 

خسرت الاسهم السعودية حوالي ٧٤ مليار درهم خلال الأسبوع الماضي وخسر المؤشر حوالي ١٩٪ من بداية موجة التراجع لسعر النفط وحيث لاحظنا العلاقة الطردية بين حركة سعر النفط وحركة المؤشر هذا العام والتي اقتربت من ٩٨, بينما لم نلحظ مثل هذه العلاقة خلال فترات زمنية سابقة مع الاشارة الى الخسائر الجسيمة التي تعرضت لها معظم اسواق المنطقة بعد ان تجاوزت نسبة الهبوط في سعر النفط حاجز ٣٠٪ خلال هذا العام ودول الخليج كما هو معلوم هي الأكثر تضررا بسبب ان ميزانياتها تعتمد على اكثر من ٩٠٪ من إيراداتها على دخل النفط مع العلم ان السعودية وللحيطة قد سبق وحددت مستوى ٦٩,٦٣ دولار للبرميل كنقطة للتعادل بينما سعر التعادل للنفط في ميزانية دوله الامارات ٧٠ دولاراً وقرار اوبك في اجتماعها الأخير قبل عدة أيام أدى الى انخفاض كبير في سعر النفط بالرغم من توقعات اصدار هذه القرارات والاسواق الخليجية والتي تسعر المستقبل وليس الوضع الحالي بالغت في رد الفعل تجاه انخفاض الاسعار ولعب المضاربون دورا كبيرا في هذا التراجع حيث استمرت في التراجع العشوائي يوم امس دون التفاتها الى التدفقات النقدية والايرادات القياسية التي حققتها هذه الدول خلال هذا العام والأعوام الاربعة الماضية نتيجة الارتفاع الكبير في سعر النفط والتي انعكست بشكل واضح على نمو سيولتها المحلية وارتفاع حجم الودائع وحجم القروض وحجم احتياطاتها من العملات الاجنبية وارتفاع قيمة أصول واستثمارات صناديقها السيادية وانعكس أيضاً على تميز وقوة تصنيفاتها الائتمانية.
وهنا لابد من الاشارة الى ان الارتفاع الكبير لسعر صرف الدولار خلال هذا العام عوض الدول المنتجة عن جزء من تراجع سعر النفط ويجمع المحللون الاقتصاديون على ان الوفرة والفوائض المالية التي حققتها دول الخليج تعد كافية لاقتصادياتها خلال فترة زمنية قادمة لاتقل عن ثلاث سنوات للمساهمة في استمرارية هذه الدول في تنفيذ مشاريعها الحالية والمستقبلية علما بان الإنفاق الحكومي الخليجي سواء الراسمالي او الجاري في دول الخليج وصل الى مستويات غير مسبوقة خلال هذا العام والأعوام الماضية وهذا الإنفاق الكبير انعكس بصورة ايجابيه على اداء وربحية الشركات المدرجة في معظم القطاعات الاقتصادية وحيث وصل هذا الإنفاق الى كل شرايين وميادين الاقتصاد سواء بصورة مباشرة او غير مباشرة وبعض دول الخليج ومنها الامارات وسعت قاعدتها الانتاجية والاقتصادية بحيث انخفضت مساهمة قطاع النفط في الناتج المحلي الإجمالي الى حوالي ٣٥٪ كذلك ساهمت الطفرة النفطية في نمو الدور الذي يلعبه القطاع الخاص مع توقعات ان يلعب هذا القطاع دورا هاما في تعويض اي تراجع في قطاع النفط وهنا لابد من الاشارة الى ان معظم الشركات المدرجة في اسواق الخليج تتركز نشاطاتها على الاقتصاد المحلي سواء شركات العقارات او التامين اوالخدمات او البنوك اوغيرها من القطاعات والشركات التي لها علاقة بقطاع النفط والبتروكيماويات تتركز معظمها في سوق الاسهم السعودية وفي مقدمتها شركة سابك وهي أكبر شركة مدرجة في اسواق المنطقة وسعر النفط الخام له آثاره الهامة على الاقتصاد العالمي حيث ان كل بضاعة يتم استهلاكها يدخل النفط في تكاليفها وبالتالي فان تراجع سعر النفط قد يحفز الاقتصاد العالمي حسب تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي ويساهم في تراجع مستوى التضخم و الاستثمار الاحنبي له دور في اداء اسواق المنطقة خلال هذه الفترة وخاصة الاسواق التي اصبحت جزءا من منظومة الاسواق العالمية الناشئة بعد انضمامها الى مؤشر مورجان ستانلي وفي مقدمتها اسواق الإمارات وقطر وحيث تدرك المحافظ الاستثمارية العالمية تاثيرات تراجع اسعار النفط على اسواق الاسهم في الخليج والتي سوف تكون اقل جاذبية في حال واصلت الاسعار انخفاضها نتيجة تخوفهم من تراجع معدلات النمو الاقتصادي مع علمهم ان عوامل سياسيه لعبت دورا هاما في تخفيض الاسعار سواء المتعلقة بإيران او روسيا او داعش وتراجع سعر النفط كما هو معلوم له تاثيرات سلبية على الشركات المنتجة للنفط والمصدرة له بينما بالمقابل يخفض قيمة فاتورة النفط المستورد بالنسبة للدول العربية المستوردة للنفط مما يساهم في تراجع العجز في ميزانياتها اضافة الى التأثير الايجابي لهذا الانخفاض على الاسعار بصورة عامة مما يرفع القوة الشرائية للعملات الوطنية ويساهم في تحسن اداء وربحية الشركات التي يشكل النفط نسبة هامة من تكاليفها وفي مقدمتها قطاع الصناعة بينما تخشى بعض الدول مثل مصر والأردن والمغرب من تراجع مساعدات واستثمارات دول الخليج نتيجة التراجع الكبير في إيراداتها.