نحو جبهة عريضة ضد العنصرية
إذا كان الليكودي موشيه أرنز ، وزير الدفاع الأسبق ومعه رئيس الدولة رفلين ضد " قانون الدولة للشعب اليهودي " والعديد من الشخصيات اليهودية الإسرائيلية ، ضد هذا القانون وفي طليعتهم شمعون بيرس وتسيفي لفني ويوسي سريد ، ولا يحظى بموافقة قطاعات من الرأي العام الإسرائيلي ، فهذا يعني بكل وضوح أن ثمة شرائح داخل المجتمع اليهودي الإسرائيلي يمكن التعاون معها والإعتماد عليها لمواجهة هذا القانون العنصري الذي يستهدف نزع الشرعية عن مواطنة المواطنين العرب الفلسطينيين داخل مناطق 48 ، أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة !! .
يؤكد موشيه أرنز أن مشروع القانون المقترح ، " لا داعي له ، لأنه ضار لربع سكان إسرائيل غير اليهود ، فهؤلاء إذا شعروا بالإغتراب والرفض والتمييز ، فسيحدث ضرر ليس فقط لهم بل أيضاً للمواطنين اليهود وللدولة نفسها " ، ولذلك يسأل " كيف سيرد المواطنون غير اليهود في إسرائيل على هذا القانون ؟ لأنه من الصعب الإفتراض أن أحداً منهم سيكون راضياً على هذا القانون " ويخلص إلى النتيجة الفاقعة ومفادها " قانون الدولة القومية للشعب اليهودي لا يخدم أي هدف ، ومن شأنه أن يُسبب ضرراً كبيراً ، ولذلك من الأجدر أن يتراجع أعضاء البرلمان عن تأييده " .
إذا كان موشيه أرنز بكل محتوياته وتاريخه ، يرفض هذا القانون ، ويعتبره ضاراً ومؤذياً ويسيء لسمعة إسرائيل ، فماذا بشأن الوسط العربي الفلسطيني برمته ، بكل أطيافه ، ومكوناته السياسية ، فالقانون يستهدف الجميع بدون إستثناء ولا يستثني أحداً من شروره ونتائج تشريعه عليهم .
صحيح أنه ليس القانون الأول ، الذي يستهدف نزع الشرعية عن مواطنة المواطنين العرب الفلسطينيين ، عن بلدهم ولكنه القانون الأشد عنصرية والأقوى تأثيراً وسيبنى عليه نحو خطوات عنصرية وإقصائية لاحقة ومماثلة ، ولهذا كما دعا النائب المناضل طلب الصانع إبن النقب ورئيس الحزب العربي الديمقراطي ، يجب مواجهة القانون ومن خلاله مواجهة كل أنواع والوان العنصرية بجبهة واسعة عريضة ، غير أيديولوجية ، يقف في طليعتها القوى السياسية الثلاثة الممثلة في الكنيست ، الجبهة الديمقراطية والحركة الإسلامية والتجمع الوطني الديمقراطي ، مع كافة الفعاليات والمؤسسات العربية ، ومعهم شخصيات بوزن رئيس الدولة رفلين والرئيس السابق شمعون بيرس والشخصية البارزة يوسي سريد ، وغيرهم من ممثلي الرأي العام الإسرائيلي الذين عبروا بوضوح وشجاعة عن رفضهم للقانون ومساوئه وضرره البالغ .
الوسط العربي الفلسطيني في مناطق 48 ، لا يستطيع وحده ، بإمكاناته المتواضعة هزيمة القانون ، وهزيمة كل التوجهات العنصرية وأثارها وتداعياتها ، ولكنه يستطيع أن يتجند أولاً بوحدته بين الجميع ويكسب إلى جانبه قطاعات مؤثرة من المجتمع اليهودي الإسرائيلي ، وبدون تحقيق ذلك يخسر حقوقه ومواطنته بشكل تدريجي ، لأن صناع العنصرية والنزوع الأقصائي واليمين المتطرف تزداد قوته وشراسته ، خاصة حينما يرى ويشهد حجم التراجع العربي وإنشغالاته بظروفه الداخلية وشيوع التطرف الإسلامي بفعل القاعدة وداعش وغيرهما ، مما يوفر له فرص التغول الصهيوني الإسرائيلي اليهودي المماثل ضد الشعب العربي الفلسطيني ، سواء في مناطق 48 أو مناطق 67 .
لقد شكل الوسط العربي الفلسطيني في مناطق 48 منذ إنطلاقة الثورة والإنتفاضة وولادة السلطة الوطنية على الأرض الفلسطينية ، شكل رافعة لنضال الفلسطينيين في الضفة والقدس والقطاع ، ولكنه اليوم مستهدف من قبل حكومة نتنياهو وأحزابها مثله مثل أبناء مناطق 67 ، فالممارسة الإسرائيلية تستهدف الطرفين ، وتتعامل معهم بصفتهم شعباً واحداً ، ولهذا يدعو ليبرمان إلى الترحيل بكل صفاقه وبدون أي رادع سياسي أو إنساني أو أخلاقي .
الهجمة كبيرة ومنهجية ، وتزداد شراسة مع كل خطوة فلسطينية عاقلة ومتزنة ، ومع كل إنجاز مهما بدا متواضعاً في أوروبا ، فأوروبا هي التي صنعت المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي وهي التي خططت له ، ونفذت خطواته وعملت على ولادته على أرض فلسطين قبل تبني الولايات المتحدة لهذا المشروع وحمايته وتوفير مظلة دعم وإسناد له ، ولذلك أصاب الصرع قادة المشروع الإستعماري بسبب تتالي الخطوات الأوروبية التدريجية لمصلحة فلسطين والإعتراف بها .
فلسطينيوا الداخل بحاجة لبرنامج عمل يوحدهم ، ويدفع بقطاعات من المجتمع اليهودي الإسرائيلي لتقف معهم ضد العنصرية والتطرف والترحيل ، مثلما هم بحاجة كنواب برلمان وأحزاب لتعميق الصلة والعلاقة مع المجتمع الدولي وخاصة في أوروبا كي تساعدهم وتقف إلى جانبهم بهدف حمايتهم وتوفير الغطاء والإسناد لهم من أجل المساواة والشراكة والمواطنة الكاملة لهم في وطنهم .
h.faraneh@yahoo.com