وصفي التل الشهيد المفترى عليه
قاتل وصفي التل الغزاة الصهاينة مع الزعيم العروبي الجسور فوزي القاوقجي قائد جيش الانقاذ في فلسطين عام 1948، كما قاتل قبل ذلك مع الثوار اليوغسلاف، وانتهت به الألقاب الى لقب الشيخ إمام: "التل يهوذا الفدائيين".
اغتيل وصفي التل عمليا، قبل يوم استشهاده رسميا، على مرأى ومسمع الامن المصري، على مدخل شيراتون القاهرة في 28/11/1971. فقد تمت التعبئة الواسعة ضد وصفي التل ووصمه بالجزار والسفاح قاتل الفدائيين، في وسائل الاعلام الخارجية، العربية والاجنبية، اما في الداخل فقد اخذت التعبئة ضد وصفي وجها آخر هو وصفه بأنه البطل منقذ النظام والكيان والشعب من شعار "كل السلطة للمقاومة"، ومن سيطرة المنظمات الفلسطينية على مقاليد الحكم في الأردن، وساهم خصوم وصفي واعداؤه في تمجيده وابرازه في صورة المنقذ والمخطط ومنفذ خطة "أيلول الأسود" حتى أصبح في "المهداف" الفلسطيني باعتباره عدو الفلسطينيين رقم واحد، فقط سفح دمه واغتياله يروي وينفس الغل والاحزان والغيظ التي تجمعت في الصدور ضده.
الضابط المتحمس الشاب وصفي التل الذي سرح من الخدمة في الجيش البريطاني لميوله القومية العربية الذي انضم لاحقا الى حركة القوميين العرب والذي كان اول من رفع شعار "عمان هانوي العرب"، وقاعدة ومنصة انطلاق العمل العربي لتحرير فلسطين، هذا الضابط الذي قاتل دفاعا عن فلسطين معرضا حياته للموت اصبح "يهوذا الفدائيين" وعدو الفلسطينيين رقم واحد.
الضابط رئيس الديوان الملكي، الذي اصر على عدم دخول حرب حزيران67 ليقينه ان هزيمة ماحقة ستلحق بالامة العربية، وان الدخول في الحرب سيؤدي الى ضياع واحتلال الضفة الغربية والقدس، هذا القائد القومي يصبح عدوا لدودا لفلسطين التي افتداها بدمائه لما التحق بجيش الإنقاذ عام 1947.
وصفي التل، سليل الزيدانيين، نجل مصطفى وهبي التل – عرار- المناضل الطبقي والوطني والقومي نصير المظلومين والمحرومين والمضطهدين وخصم المرابين والسماسرة والفاسدين واول من نبه الى خطر وعد بلفور والغزوة الصهيونية في قصائده، "… إن بلفور أنفذ وعده… كم مسلم يبقى وكم نصراني" ما يزال يلحق ظلم فادح قاهر بصورته وبسيرته وبتاريخه الذي تميز بنظافة الحكم ورشده وبشفافيته وبايلاء الطبقات المسحوقة الرعاية والعناية والاهتمام.
لقد مضى وصفي الى مصيره باقدام من يؤمن بالقضاء والقدر عندما قال لنذير رشيد مدير المخابرات العامة آنذاك وهو يحذره من مؤامرة تنتظره ان سافر الى القاهرة: ما حدا بموت ناقص عمر". بالتأكيد كان وصفي قد اكتمل وكانت المؤامرة كذلك قد اكتملت ولم يفعل الجناة الا ان انفذوا إرادة الله وحققوا لخصوم وصفي في الداخل والخارج ما يتمنون.