اعتقال «بني ارشيد» يضعف أحزابنا السياسية

كشفت لنا حادثة اعتقال نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين « زكي بني إرشيد» عن غياب أي نوع من التنسيق الحزبي المفترض للتنديد بذلك الاعتقال غير الدستوري لقيادي حزبي مخضرم، أو للملمة شتات أحزابنا السياسية ويحميها من أي تضيق أو تدخل او اعتقال أمني في المستقبل، فيما لو قررت أن تمارس حقها في إبداء الرأي والتعبير ببيانات غير خجولة، كما فعل بني ارشيد.
بل وكشف لنا عن تلك الإرادة السياسية المسلوبة لدى أحزابنا السياسية، خشية أن تكون هي الضحية التالية من التدخل الأمني فيما لو قررت التحرك او التنديد، فلم يصدر عنها شيء من ذلك «باستثناء حزب سياسي واحد « ندد بالاعتقال.
للأسف، فإن هذه الحالة السلبية التي تسيطر على المشهد الحزبي، وظهور البعض منهم بمظهر اللامبالي أو اللامتضامن يعكس مدى العزلة التي تفرضها أحزابنا السياسية على نفسها اولاً قبل ان تكون موجهة للجماعة الإسلامية، ويعكس مستوى النضوج والوعي بالمخاطر الذي وصلت إليه أحزابنا السياسية، مما يعزز للأسف السطوة الأمنية على إرادة وقرار الأحزاب السياسية، ويعزز التفرقة والتشتت الذي تعيش فيه، ويكشف لنا عن وجود خطوط حمراء رسمتها أحزابنا السياسية لنفسها تمنعها من تغليب المصلحة العامة على حالة الخوف والخشية التي تسيطران عليها، وتهدد مصالحها فيما لو حاولت الخروج من عباءة الطاعة الحكومية.
وتفوّت على نفسها فرصة للخروج من عنق الزجاجة وتحويل ذلك المشهد إلى مشهد ديمقراطي حقيقي لتحمي نفسها مستقبلاً من الافتراس الأمني، بعدما تكررت مثل تلك لأكثر من مرة ومع أكثر من حزب سياسي والحبل على الجرار.
بني ارشيد سيخرج عاجلاً أم عاجلاً... فحكومتنا ذكية وحريصة، ولكن هل ستتعلم أحزابنا السياسية من ذلك الدرس حتى لا تقع فريسة سهلة للتدخل الأمني في إرادتها، أم أنها ستبقى تحت الوصاية الحكومية، وفي منأى عما يجري من تجاوزات على القانون، مكتفية بالمساهمة في تمثيل دور الأراكوز ضمن ذلك المشهد الحزبي الهش.