صدمة في الأردن: أرقام التجنيس السياسي 'ملفقة' وعدد الفلسطينيين الذي حصلوا على الجنسية خلال عشر سنوات لا يزيد عن 217 شخصا فقط والسلطات أخف
اخبار البلد- بسام بدارين - أقامت قوى اجتماعية وسياسية أردنية مجدها خلال السنوات الماضية على افتراض يتحدث عن مشروع للتجنيس السياسي في المملكة سيقود في المحصلة للوطن البديل، فيما سجلت مفاجآت رقمية كشفتها مؤخرا صحيفة 'الدستور' الأردنية عن تجنيس عدد يكاد لا يذكر من أبناء الضفة الغربية خلال عشر سنوات كاملة لا يزيد عن 217 مواطنا تم تجنيسهم مقابل آلاف الأردنيين سحبت جنسياتهم وأرقامهم الوطنية في ظاهرة لا زالت تتكرر رغم حديث الجميع عنها ليلا نهارا.
وحسب التحليلات الرقمية التي قدمها للرأي العام المحلل السياسي عريب الرنتاوي مؤخرا فإن الأرقام التي وردت في بيانات سياسية وقعت عليها مئات الشخصيات خلال الأعوام الثلاثة الماضية واهمة تماما ولا تعكس بحال من الأحوال وجود ظاهرة اسمها التجنيس السياسي في أوساط الفلسطينيين، وإن كانت بعض المصادر الفلسطينية تتحدث عن هجرة معاكسة من شرق الأردن باتجاه الضفة الغربية لآلاف المواطنين الأردنيين وليس العكس.
المعطيات التي قرأها سياسيا الرنتاوي وتناولها مركز القدس للدراسات السياسية في ندوة خاصة ثم ناقشت بعضها محطة 'رؤيا' الفضائية في برنامج خصص للموضوع تقول رقميا وبوضوح بأن عدد الأشخاص وفقا لسجلات وزارة الداخلية الذين حصلوا على الجنسية الأردنية طوال السنوات العشر الماضية يزيد بقليل عن 46 الف شخصا من مختلف الجنسيات وان 80 بالمئة من هؤلاء حصلوا على الجنسية منقولة من أب أردني وأم أجنبية للأولاد.
وبين هؤلاء حسب الأرقام 217 شخصا فقط من الذين حصلوا على الجنسية الأردنية باستثناءات خاصة في تعليمات فك الإرتباط، أما الغالبية الساحقة فقد حصلوا عليها لأسباب ومبررات قانونية أخرى تدخل في باب الإستحقاق الدستوري ولا علاقة لها بفك الإرتباط ومن بينها الزواج بأردني او تصويب الأوضاع القانونية او العودة لجنسية بعد التخلي عنها.
ذلك يعني عمليا وواقعيا وقانونيا بأن تعليمات فك الإرتباط لا تحتاج للقوننة أو الدسترة لإنها باختصار وبساطة ليست مصدرا للتجنيس، كما يعني قبل ذلك - وهذا الأهم - عدم وجود شيء يحصل فعليا اسمه تجنيس سياسي للفلسطينيين، وهذه وقائع رقيمة رسمية لا يمكن دحضها تنسف الأرقام التي اعتمدت عليها نظرية التوسع في التجنيس او حتى الوطن البديل وهي حقيقة صادمة للواقع السياسي، لم يكن يعرفها حتى المعارضون الصلبون لسياسات سحب الجنسية التي لا زالت تثير الجدل رغم كل الضمانات الوهمية التي تقدمها وزارة الداخلية.
وكان المركز الوطني لحقوق الإنسان قال بأنه تلقى عام 2010 138 شكوى لسحب الجنسية بعدما تلقى عام 2009 38 شكوى فقط في زيادة واضحة على معدلات سحب الجنسية رغم ان وزارة الداخلية وخلال الأشهر الثلاثة الماضية بشرت المواطنين بتجميد سحب الجنسيات.
وكانت عدة جهات واقلام وشخصيات قد تحدثت بإصرار وإلحاح عشرات المرات عن تجنيس أكثر من 48 ألف فلسطيني مؤخرا حتى جاءت أرقام الدستور لتدحض النظرية من أساسها.
كما خلقت مجموعة نشطاء سميت بلجنة 36 أجواء من البلبلة والإثارة عندما أصدرت بيانا ربطت فيه بين الملكة رانيا العبد الله شخصيا وشخصيات أخرى وبين تجنيس نحو 85 الف فلسطيني، ورد الديوان الملكي على البيان بانتقاد تبنيه من قبل وكالة الأنباء الفرنسية دون الرجوع لسجلات دائرة الجنسية في وزارة الداخلية التي بقيت في الواقع تستمع للجدل حول الأرقام الكاذبة بدون التدخل لتوضيح الحقيقة في قرار من الواضح انه سياسي الخلفية.
واليوم تثبت حيثيات رقمية رسمية بأن الأرقام التي تم تداولها بخصوص التجنيس السياسي المفضي للوطن البديل لا تقف عند حدود 'عدم الدقة'، لكنها تميل إلى التضخيم والتهويل والمبالغة في سلوك سياسي مقصود تجاهلت كل المؤسسات الرسمية تصويبه الأمر الذي سمح بتأزيم وقلاقل في صفوف المجتمع.
وبهذه الآلية تسقط الاعتبارات التي تسوق هاجس الوطن البديل على أساس وجود قرار باطني للدولة بتعميد سياسات التجنيس السياسي للفلسطينيين ويبقى أن أنصار التخويف من الوطن البديل ليسوا بحاجة عمليا لمبررات واقعية ومقنعة ويمكنهم إطلاق ثم تحريف الحقائق وفقا للهوى السياسي.
لكن الأهم في صدمة الأرقام الجديدة أنها تكشف عن سياسات 'التضليل' التي مارستها مؤسسات رسمية وبيروقراطية في هذا الملف طوال فترات التجاذب لأسباب غامضة عبر إخفاء المعلومات الحقيقية خصوصا وان عدة وزراء داخلية خرجوا علنا عدة مرات لكي يقدموا للرأي أرقاما مضللة بالتوازي لعدد المجنسين تمثل فعليا عدد الذين صوبوا اوضاعهم واستعادوا جنسيات سلبت منهم تعسفا وخارج القانون على أساس انها أرقام تخص فلسطينيين تم تجنيسهم، والهدف واضح هنا وهو استفزاز الشرق الأردنيين وتوتير الأجواء بالداخل.