حين تطغى نانسي عجرم على غسان كنفاني وبرلسكوني ..

6 دقائق.. حين تطغى نانسي عجرم على غسان كنفاني وأمل دنقل ودولة المجر والفاتيكان

خالد أبو الخير

 إلى أي مدى نحن رازحون في الجهل، دون ان ندري؟. هذا السؤال فجره فيديو يجري تداوله على مواقع التواصل نفذته فضائية العربية حين قرر مذيعها النزول الى الشارع الأردني لسؤال الناس، موظفين وطلاباً ورجال أعمال وسواهم، بضعة اسئلة في الثقافة العامة، لتكون الإجابات التي تلقاها أغرب مما يمكن ان خطر ببال. من هو برلسكوني.. رئيس الوزراء الايطالي الذي اشتهر خلال العقدين الماضيين؟. أحد الأسئلة التي طرحت، اما الإجابة فكانت: " ملاكم"، "ممثل رومانسي" ،" برلسكوني.. اسئلتك غريبة شوي.. نوع اطارات". وردا على سؤال حول ما هما الحزبان الرئيسان في امريكا؟ جاءت الاجابة كالتالي: "حزب الفيتو وحزب الناتو"، "حزب الاتحاد السوفياتي وحزب الليكود"، "رأس مالي واشتراكي.. اكيد"، " الحزب الجمهوري والشيوعي"، "الشيوخ والديمقراطي". وبالنسبة لمؤلف رواية رجال في الشمس، كانت الإجابات: " لا أعرف"، "فيكتور هوجو"،" ما عندي اي فكرة" و" مش متابعينها"، "ما بعرف بالروايات". وكذا الحال بالنسبة لرواية الحرب والسلام، إذ تمحورت الاجابات حول : " لا اعرف، احسان عبد القدوس، " مش كثير قريئة أنا". وعند طرح سؤال: من هو أمل دنقل؟.. جاءت الإجابات أيضا: " لا اعرف"، "هاي مذيعة ولا ايش"، هذا شيء بالجو.. بالاشياء"، "كاتبة"، "مغنية صوتها حلو جداً"، "مار اسمها في ذهني بس مش قادر أتذكر". وعند توجيه سؤال من هو الممثل الحاصل على جائزة الاوسكار على دوره في فيلم american beauty، كانت الاجابة: براد بيت.. اشي زي هيك؟ " ، "لا تسالني عن اميركا والفن الاميركي"، "شين كونري عن فيلم "لورد اوف ذا رينجز"، "حصل على جائزة أفضل ممثل أو أفضل جمال؟".. وفي معرض الاجابة عن السؤال التاريخي: ماذا تعرف عن السبي البابلي، اجاب المشاركون: "ايييش.. ما بعرف، هل هو مثل السبيل أو شيء زي هيك؟". " ممكن انه فتيات بابل كانوا جميلات يعني.. ممكن"؟.  ومثلما كان الحال في التاريخ كان الوضع في الجغرافيا، فعند توجيه سؤال: اين تقع دولة المجر" هنغاريا" ؟ كانت الاجابات تفوق العجب العجاب: "في قارة افريقيا "، في قارة اسيا"، "المجر في المجرة في الكواكب.. هاي كوكب". وكذا الحال عن السؤال عن الحدود البرية لجزيرة قبرص.؟ إذ كانت الإجابات: " في بحر من جهتها الثانية"، "اليمن"، "روسيا"، "سوريا" ، "لبنان". أما الاجابات عن سؤال ما هي الدول التي تحد الفاتيكان ؟ فكانت: اليونان، فرنسا، اسكتلندا، ايطاليا وسويسر، "افغانستان والباكستان والفلبين.. بكفي ثلاثة". وردا على سؤال متى وقعت الثورة الفرنسية؟ كانت الاجابات: 1929، 1925، في الستينيات، 1900. ومتى انضمت ايران لجامعة الدول العربية؟ كانت الاجابة 1982، 1984، 1983؟. وحتى السؤال الموسيقي من هو مؤلف مقطوعة الفصول الاربعة، فقد عجز المشاركون عن الاجابة قائلين: " ما بعرف"، "وديع الصافي"، "الفصول الاربعة اعرفها الربيع والصيف والخريف والشتاء"..! أما السؤال الوحيد الذي أجاب عنه جميع المشاركين في الحلقة بثقة وابتسام فكان: من صاحبة أغنية أه ونص؟. نانسي عجرم. المذيع خلص للقول انه لم يكن يتوقع ان تفوق شهرة نانسي عجرم برلسكوني وتولستوي وامل دنقل وغسان كنفاني ومحمد الماغوط ودولة المجر والفاتيكان وإيران وكارل ماركس وفريديرك نيتشه والثورة الفرنسية، وتابع بأسى: ليتني لم انزل إلى الشارع وليتني لم اقرأ قبلاً هذه العبارة : يقرأ الطفل العربي ما يقارب 6 دقائق سنوياً خارج المنهاج الدراسي. ما يعني ان الطفل العربي يقراً في العشر سنين ساعة، وساعتين في العشرين سنة!. وقبل هذا الفيديو الذي كشف هذا الفشل المعرفي والثقافي ، كان امتحان التنافس لوزارة التربية الذي عجز فيه خريجو الشريعة عن التفريق بين السور المكية والمدنية في القران الكريم، وأثار ضجة حينها. آمل أن يقرع هذا الفيديو الجرس.. وأن تكف الحكومات عن سياسات التلقين التربوية، وإعادة النظر بالمنهاج المدرسي الذي يكرهه الطلاب ويعتبرونه منفصلا عن الحياة، وينسونه بمجرد مغادرة السنة الدراسية، وأن تعيد النظر في طرق التدريس ايضا، بماي نقلها من التلقين الى التفاعل، وتعيد برمجة سياساتها الثقافية، لبناء أجيال له حظ من الثقافة، وليس لاصدار كتب لا يقرأها احد ونشاطات لا تحظى بالجماهيرية المطلوبة ، لكي لا نظل نردد بيت الشعر " يا امة ضحكت من جهلها الأمم".