تحد جديد أمام الإعلام التقليدي
يبدو أن وسائل الإعلام التقليدية مرشحة لمزيد من المتاعب والتحديات، والتي اختبرتها تباعا منذ دخول الإعلام الرقمي على خط المنافسة. وآخر تلك التحديات ما أعلن عنه مؤسس موقع "فيسبوك"، مارك زوكربيرغ، مؤخرا، بأنه يطمح إلى جعل الموقع صحيفة إخبارية "تتلاءم مع اهتمامات كل مستخدم من مستخدميه".
العملية ليست سهلة، فهي ستكون بتقنية أشبه بـ"اللوغاريتمات"؛ تعتمد على مسوحات لاهتمامات كل مشترك في "فيسبوك"، وتأمين الأخبار الخاصة باهتماماته ليشاهدها ضمن "News Field".
صدى إعلان زوكربيرغ ما يزال يتفاعل في الأوساط الإعلامية العالمية، ضمن رؤيتين. الأولى، تعتقد أنه سيسهم في زيادة متاعب الإعلام التقليدي. أما الثانية، فتشدد على أن ذلك لن يؤثر كثيرا على هذا الإعلام، مؤكدة أنه "لن يستطيع شيء الحلول مكان روح الإعلام المكتوب".
لكن النظر إلى التاريخ القريب جدا، يجعلنا ندرك الخطر الحقيقي الذي يوشك أن يدهم الإعلام التقليدي. فمقولة إنه "ما من شيء سيؤثر" ترددت كثيرا عندما بدأ الإعلام الإلكتروني بالظهور. لكن ها نحن اليوم نعيش في مرحلة اختار فيها بعض كبريات صحف العالم إيقاف الطبعات الورقية، والاعتماد، فقط، على النسخة الإلكترونية.
وعلى صعيد الإعلان، بات الإعلام الإلكتروني منافسا شرسا للإعلام المكتوب، مع تأمين وسائل عديدة لعرض الإعلان لا يمكن أن يوفرها الإعلام التقليدي.
الإحصاءات اليوم تشير إلى أن موقع "فيسبوك" يؤمن حاليا المعلومات الإخبارية "لما لا يقل عن 30 % من الأميركيين". كما أنه يعد "مصدرا مهما لنقل المعلومات إلى وسائل الإعلام نفسها"، بحسب دراسات. إضافة إلى أن الموقع أصبح المصدر الأول للأخبار لدى عدد كبير من مستخدميه.
لكن نية "فيسبوك" التحول إلى صحيفة إخبارية تبدو أمرا أكثر من مخيف. فمع قاعدة مشتركين تصل إلى زهاء مليار شخص، سيكون من الصعب منافسة موقع التواصل الاجتماعي في هذا السياق. إضافة إلى أن التقنيات التي سيعتمدها؛ بتوفير باقة الأخبار بناء على الاهتمامات التي يظهرها كل مستخدم، ستجعل وسائل الإعلام التقليدية عاجزة تماما عن مجاراته، وهي التي تقدم باقة واحدة من الأخبار لكل زبائنها.
كلام مارك زوكربرغ ليس للاستهلاك، بل هو واقع بدأ العمل على تطبيقه. إذ إن إدارة موقع "فيسبوك" تعمل حاليا على "توظيف أعداد إضافية من المهندسين والمتخصصين في معالجة المعطيات الرقمية، بغية تطوير النظام الآلي لاختيار الأخبار بحسب اهتمامات كل مستخدم".
التحدي الكبير أمام الإعلام التقليدي قادم، فكيف سيتمكن هذا الإعلام من النجاة بنفسه، وأن يحافظ له على مكان في "السوق"!