مبادرة «زمزم» وتعمد سوء الفهم
منذ اليوم الاول الانطلاقة لهذه المبادرة، وهي تعلن عن نفسها أنها مبادرة وطنية عامة، تهدف إلى الإسهام في تحقيق توافق وطني واسع، بين جميع الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي المحلي، سواء على المستوى الرسمي أو المستوى الشعبي، على جملة من القضايا الرئيسية التي لا يجوز الاختلاف عليها والتي يجب ان تبقى خارج دائرة النزاع والصراع السياسي.
أرادت المبادرة من خلال مجموعة من الشخصيات المعروفة من داخل الحركة الإسلامية وخارجها، دون نظر إلى التوجهات الفكرية أو الإنتماءات الحزبية، التوافق على استقرار الدولة وحفظ مؤسساتها، والمحافظة على هيبتها، في ظل هذا الوسط الملتهب، من أجل الحيلولة دون الإنزلاق إلى مستنقع الفوضى والعنف، كما حدث ويحدث في أقطار مجاورة، وضرورة العمل من أجل الوصول إلى مشروع سياسي وطني كبير، يشترك فيه كل من يؤمن بمشروع الدولة الأردنية وقدرتها على البقاء والديمومة، والإمساك بعناصر القوة والإزدهار الذي يجعلها قادرة على حفظ أرضها وشعبها ومقدراتها، ومن ثم تقديم العون والمساندة إلى كل الأشقاء العرب، والتكامل مع المحيط الإسلامي الكبير.
أراد بعض ضيقي الأفق والرؤية، وبعض المشبوهين من خارج الاطار تصوير المبادرة على أنها تهدف إلى أضعاف الحركة الإسلامية وتجريدها من قوتها وشعبيتها من خلال الإنشقاق والمناكفة معها، وإبطال رأيها في المقاطعة، وهذا كلام متناقض، حيث يناقض أصحاب هذا الطرح أنفسهم ويناقضون الواقع، لأن القائمين على المبادرة من الحركة الإسلامية لم يعلنوا إنشقاقاً، ولم يعلنوا تشكيل تنظيم أو جماعة موازية، بدليل أنهم تمسكوا بعضويتهم، رغم الجهود الحثيثة التي بذلها بعضهم من اجل محاكمتهم وتشويه صورتهم بين قواعد الحركة وبين مؤيديها وما زال بعضهم يسعى بكل ما أوتي من قوة إلى هذا الهدف.
فلو كان القائمون على المبادرة يهدفون إلى أضعاف الحركة كما يزعم بعض الجهلة، لأعلنوا منذ اليوم إنشقاقهم، أو تشكيل جماعة موازية، وليسوا بحاجه إلى إخفاء هذا الامر ،لان الانشقاق لا ينجح الا بالاعلان ،بل هم يعلنون نقيض ذلك صباحاً ومساءً، ولذلك يجب أن يكف عن هذه الترهات كل من يحملها، وكل من يدعو إليها، وكل الذين يريدون مصلحة الحركة اإسلامية أو يبدون الحرص على وحدتها.
الأفكار التي طرحتها المبادرة ربما لا تروق إلى بعض القيادات الأخوانية، وتضيق ذرعاً بمفهوم الدولة المدنية، والدعوة إلى صيغة سياسية توافقية تستوعب كل مكونات الدولة والشعب الأردني، أو الدعوة إلى تضيق الفجوة مع أصحاب القرار والى جسر الهوة التي إتسعت بين الطرفين في السنوات الأخيرة، وضرورة حماية البلد من التطرف والتشدد المفضي الى تمزيق صفوف الامة، والدعوة الى منع استخدام الجماعة ستارا لمشاريع اخرى ؛فهذا اختلاف واضح وغير مخفي في وجهات النظر،ولكنه ليس مبررا إلى إطلاق حملة تشهيرظالمة وتشويه متعمد، كما لا يجوز نشر الإفتراءات والإشاعات المغرضة، كما لا يدعو إلى الوقوع في فخ التناقض؛لان من يحرص على احداث الانشقاق هو الذي يحرص اجراء المحاكمات واصدار احكام متعسفة بالفصل ،وهو الذي يحقق رغبة الاطراف التي تسعى الى هذا الهدف ،في حين ان القيادة يجب ان تسعى الى وحدة الجماعة وتوحيد صفوفها.
المبادرة ماضية في طريقها،ولم تغير كلمة واحدة مما أعلنته على الملأ، وهي متمسكة برؤيتها ورسالتها بضرورة انجاز المشروع الوطني ،ورفع شأنه متقدماً على أي مشروع آخر، والمبادرة لم تتراجع ولن تتراجع عن أفكارها ومشروعها الكبير، ولن تكون تحت وصايه طرف، ولن تخضع لأي جهة، وهي على عهدها ووعدها الذي قطعته للجمهور الأردني، ولكل المخلصين الذين حملوا هذه الأفكار وآمنوا بها، وطلبوا الإنخراط في المبادرة وفقا لهذه الافكار، من أجل رفعة شأن الأردن وخدمة الشعب الأردني كله، بكل مكوناته الإجتماعية والسياسية.