المصالحة الخليجية وارتداداتها على مصـر والأردن
سواء جلس الطرفان الأردني والمصري خلف الكواليس في قمة المصالحة الخليجية او داخلها، فإن الطرفين كانا حاضرين على اجندة القمة التي بدأت تكشف اوراقها تباعا، فلهجة الاعلام القطري تغيرّت وتصريحات الجماعة الاخوانية بدأت تبحث عن منفذ جديد بعد تقليص الدعم من دولة قطر للجماعة التزاما بمخرجات المصالحة الخليجية كما يقول احد كوادر جماعة الاخوان المصرية عصام محمد « كل دولة تخدم مصالحها، وهذه الخطوة هزيمة قاسية لنا،والدعم القطرى سيستمر، لكن ليس بالحجم الكبيرالذى شهدته الفترة الماضية، بسبب هذه التغييرات «.
الجماعة الاخوانية في مصر بدأت بترتيب اوراقها في ضوء المتغيرات الجديدة وستتجه نحو التركيز على الدعوات القانونية المقامة ضد النظام المصري في عواصم الغرب كما يقول القيادي الاخواني اسلام خليفة استمرارا لمرحلة التصعيد مع ترك نافذة مفتوحة للحوار داخل المجتمع المصري تمثلها جماعة اخوان بلا عنف التي بدأت تحقق اختراقا داخل مؤسسات الدولة المصرية بعد ان فتح الرئيس عبد الفتاح السيسي طاقة للحوار بتصريحاته قبل شهرين والتي قال فيها ان الدولة المصرية منفتحة على المخالفين السياسيين وجاهزة لطي صفحة الماضي معهم.
مصر استعدت لارتدادات المصالحة الخليجية عليها واعدت جدول مطالبها وسلمته للسعودية والامارات اللتين شكلتا لجنة لاستطلاع موقف قطر والبدء في تنفيذ الاتفاق وثمة همس داخل اروقة قناة الجزيرة عن اجتماع يمثل خطوة اولى للاستجابة للمطالب المصرية ووضع آليات جديدة للتناول الإعلامي، من شأنها تخفيف الاحتقان مع دول الجوار، تمهيدا لكسر الجليد مع قطر وهناك احاديث عن قمة مصرية قطرية مرتقبة لتتويج هذه المصالحة وطي صفحة الماضي.
الاردن بدوره ينتظر ويراقب المسارات، فهو لم يتورط في العداء مع الاخوان الى الحد المصري، ولم تنقطع اتصالاته مع الجانب القطري، فالعلاقات تمر بمرحلة برود وليس جمود، فالدولة الخليجية وافقت على المنحة الخليجية للاردن لكن الاموال لم تصل بعد وتحتاج الى نقلة مرتقبة الحدوث بعد المصالحة، ويبقى ترسيم العلاقة مع الجماعة الاخوانية عالق بانتظار مبادرة تكسر حالة الانسداد الان والتي يمكن اختصارها بجملة واحدة، « مَن يبدأ « بقرع باب الآخر.
اوساط رسمية تقول انها طرقت باب الجماعة الاخوانية اكثر من مرة ولم تجد من يفتح لها الباب، رغم انها سمعت اصواتا داخل البيت الاخواني « سألت مَن الطارق « والجماعة تريد الدخول من باب غير الباب الحكومي وتنتظر باب المقر على وجه الحصر ويبدو هذا مرفوضا من اوساط رسمية تريد لقاءات قبلية لترسيم العلاقة استنادا الى تاريخ طويل من انقلابات الجماعة على التزاماتها وتعهداتها ولكن الاقرب الى الواقع ان الجميع بانتظار ظهور الدخان الابيض من مركز الجماعة في العبدلي.
فالاوراق داخل البيت الاخواني شديدة الاختلاط وشديدة التعقيد، فثمة مبادرة من المراقب العام للجماعة لا تحظى بتوافق داخلي، وثمة زمزم المبادرة، التي تقف على الحافة بقدم واحدة ولم تنزل قدمها الاخرى الى الارض بعد، فهي قابلة للنزول في حضن الجماعة اذا ما حققت المنشود ويمكن لها ان تنزل في حضن الانشقاق اذا استمر الانسداد وهناك مراهنات رسمية تنتظر الدخان الابيض قبل اي خطوة.
الجماعة الاخوانية تمر بظرف حرج، وعليها استلهام حلول ابداعية لمواجهة اللحظة الفارقة، وطوال تاريخها لم تقطع شعرة معاوية مع الدولة الاردنية وهناك تاريخ طويل من العلاقة بينهما تسمح لكل طرف بطرق باب الاخر دون حرج وتسمح بدلال كل طرف على الاخر، وعلى الجماعة التقاط الفرصة وطرق الباب بعقل جديد ورؤية منفتحة دون الاستماع الى آراء قاسية داخلها تريد قطع العلاقة مع الدولة او فرض شروطها في ظل ظروف تعاكس الجماعة كثيرا ولا مصلحة لأحد في بقاء حالة الانسداد او في خروج الجماعة من المشهد السياسي كحركة معارضة وازنة.