إدارة الجامعات الحكومية
تحتاج جامعاتنا الحكومية في المرحلة المقبلة، الى مزيد من الدعم والاستقلالية في ادارة شؤونها، ومع تعيين مجلس تعليم عال جديد، ستكون مسألة معالجة التحديات التي تواجه الجامعات، ليست سهلة، خصوصا تحديات المديونية والابتعاث والالتزام بشروط الابتعاث وقوننتها، وغياب المحفزات لزيادة اقبال الطلبة على الجامعات في بعض المحافظات، وينظر المجتمع الجامعي بتفاؤل الى التشكيلة الجديدة لتغيير واقع الجامعات، وتحسين ادائها، والنهوض بواقعها علميا وتقنيا.
والمعلوم، ان هناك جامعات تعاني من اوضاع مالية صعبة، وعدم توفر مصادر دخل، لدرجة عدم قدرتها على دفع رواتب الهيئة التدريسية، الى درجة اصبحت فيها قيادات هذه الجامعات تحتاج فيها الى جهود مضنية من اجل توفير رواتب الهيئة التدريسية المطلوبة في الخارج، بحكم كفاءتها وخبراتها، وتتطلب المحافظة عليها استقرار ومؤسسية وامان وظيفي، خصوصا اذا كانت هذه الكفاءات قادمة من محافظات اخرى.
والاهم من ذلك، تبرز الحاجة ايضا الى الاستقرار الاجتماعي والامني والمعيشي للطلبة والهيئة التدريسية على حد سواء، وهذه مسألة تتداخل فيها مسؤوليات المجتمع المحلي والادارات والطلبة انفسهم ومجلس التعليم العالي ذاته والامن الجامعي، لان ولي أمر الطالب او الطالبة الذي يرسل ابنه الى محافظة اخرى، يبحث قبل توفير التعليم العالي لابنه، وضعه في بيئة تعليمية مثالية وآمنة، وبمجرد سماعه عن مشاجرة او اية حوادث اخرى، اول ما يتبادر الى ذهنه نقله الى جامعة حكومية قريبة ولو كان فيها كلفة مادية أكبر، او حتى استكمال تعليمه في جامعة خاصة.
مسألة اخرى، يمكن طرحها للنقاش طالما نتحدث عن اوضاع الجامعات وديمومتها، وهي الحاجة الى هذا العدد الكبير من الجامعات نسبيا، فلدينا الان في كل محافظة جامعة وفي بعض المحافظات اكثر من جامعة حكومية وخاصة، ولم نأخذ بعين الاعتبار التوزيع السكاني والجغرافي، وتوفر الهيئات التدريسية، فأثّر ذلك بشكل او بآخر على مستوى الخريجين، وكفاءتهم، وهل يعقل ان تكون المسافة بين جامعتين حكوميتين نصف ساعة او اقل؟.
ابرز التحديات التي تواجه بعض الجامعات حاليا، ضعف اقبال الطلبة، وتحديدا في جامعات الجنوب، الى درجة جرى فيها حديث عن اغلاق بعضها، وهذه مشكلة معلنة، وليست سرا، وذلك لوجود تحديات مالية ومديونية عالية، حتى الجامعات العريقة، تدعو الطلبة الى تسديد رسوم الساعات مبكرا، لتتمكن من تغطية احتياجاتها المالية ورواتب موظفيها، البعض هنا يطرح مسألة دمج بعض الجامعات التي تتشابه ظروفها، والقريبة جغرافيا، في إدارات موحدة، مع الاخذ بعين الاعتبار خصوصية وتميز كل جامعة في مجال معين،
فيمكن، على سبيل المثال، تخصيص احداها للكليات الطبية والاخرى للكليات الهندسية، وثالثها للكليات التقنية والانسانية.
في السابق عندما كان لدينا ثلاث او اربع جامعات حكومية، لم نكن نواجه مشاكل اجتماعية او عنفا او مديونية عالية، وكانت مسألة دمج الطلبة في ثقافات اجتماعية جديدة، ناجحة الى حد كبير، اما الان فقد عدنا الى انغلاق المجتمعات المحلية، ابن الطفيلة يكمل تحصيله من الروضة وحتى التخرج في مدينته، وبنت اربد وابن عمان، كذلك، حتى الاقبال من الطلبة العرب والاجانب لا يشمل الجامعات الجديدة التي أنشأت، بحجة انها بعيدة عن العاصمة او المدن الكبيرة، فما المانع من تكثيف العمل لاستقطاب الطلبة من الدول العربية المجاورة الى جامعة الحسين بن طلال، او الجامعة الاردنية في العقبة.