لماذا لم تحتل أي جامعة أردنية الموقع الأول عربياً في التصنيف العالمي الأخير؟
لماذا لم تحتل أي جامعة أردنية الموقع الأول عربياً في التصنيف العالمي الأخير؟
واخيراً اصدرت مؤسسة QS التصنيف العالمي الوحيد الخاص بالجامعات العربية. وكانت النتائج كما توقعتها في مقالتي السابقة. إذ كُنا نمني النفس أن تدخل احدى الجامعات الاردنية قائمة افضل خمسمائة جامعة عالمياً ولكن بعد صدور تصنيف QS للجامعات العربية أصبحنا نُمني النفس أن تحتل جامعة أردنية المرتبة الاولى أو على الاقل واحدة من المراتب الثلاث الاولى عربياً. وكما اسلفت في مقالة سابقاً, تصدرت الجامعات الاماراتية والسعودية الجامعات العربية في التصنيف العالمي وهاهي تؤكد تفوقها في التصنيف العربي العالمي اذ دخلت عشر جامعات إماراتية قائمة افضل خمسين جامعة عربية وتسع جامعات سعودية وثمان جامعات مصرية وست جامعات لبنانية وست جامعات أردنية واربع جامعات عراقية وجامعتين بحرينيتين وجامعة واحدة من كل من قطر وعُمان والكويت والسودان وتونس. وبالقياس على عدد الجامعات الأردنية وعدد السكان ونسبة من يذهب منهم للجامعات يومياً (2,5 % وهي نسبة تماثل بريطانيا) والاستقرار السياسي مقارنة مع بعض دول الجوار فإن النتائج لا تُرضي الطموح الأكاديمي الأردني اطلاقاً. ولكن من النتائج الايجابية دخول جامعتين خاصتين (جامعة الاميرة سمية وجامعة البترا) التصنيف العربي وكذلك ظهور إسم جامعة اليرموك وهي ثاني اقدم جامعة أردنية في هذا التصنيف مع غياب جامعات حكومية قديمة أخرى. إنني أرى أن عديد من الجامعات الخاصة الاردنية تستطيع أن تنافس عربياً مثل جامعة الزيتونة التي ابدى رئيس واعضاء مجلس امنائها اهتماهم الشديد في التصنيف ولدى هذه الجامعة الكثير من الميزات لترافق الجامعات الخاصة التي سبقتها في التصنيف فالباب مفتوح والإمكانية واردة لجامعات خاصة اخرى للمنافسة مثل جامعة فيلادلفيا والاسراء والشرق الاوسط والزرقاء الخاصة والتي ابدى ايضاً رئيس مجلس امنائها الكثير من الاهتمام في هذا التصنيف.
على الجامعات الحكومية والخاصة أن تخلق حالة تنافسية ليس على المستوى العربي وحسب بل العالمي كذلك. فالمطلوب أن يزيد عدد الجامعات الاردنية في التصنيف العربي والعالمي بل يجب أن لا ترضى الجامعات الاردنية باقل من المرتبة الاولى عربياً. ولا بد ان نتذكر بفخر ان البنك الدولي في عام 2007 صنف التعليم الاردني في المرتبة الاولى من خلال اربعة عوامل مجتمعة وهي النوعية والفاعلية والمساواة والفرص.
إن للتصنيف العالمي أهمية قصوى في استقطاب الطلبة العرب والاجانب والمردود الاقتصادي الضخم العائد إثر ذلك. وكذلك يعتبر تصنيف أي جامعة من العوامل المساعدة على منافسة الخريجين في سوق العمل, هذا بالاضافة لعوامل عدة كنت قد فصلتها في مقالة سابقة تحت عنوان "التصنيف ...وسيلة وليس غاية".
مع العلم ان التصنيف العربي الاخير هو تصنيف أولي اذ أعتقد ان الجامعات الأردنية الست استفادت من ظروف معينة لدخول قائمة الخمسين ولكن هذا الترتيب سيتغير في العام القادم بعد ان يزيد عدد الجامعات الراغبة في المشاركة. ولعلي قد اجبت على سؤال عنوان هذه المقالة في احد مؤتمرات مؤسسة QS بحضور العديد من اصحاب القرار في الشأن الاكاديمي الاردني وامام رؤساء افضل الجامعات في سنغافورة وماليزيا وبروناي وهونغ كونج وغيرها. حيث اشرت الى ان الطريق للعالمية تتطلب من المؤسسات الاكاديمية الأردنية تحسين الجانب الإداري في عملها: فالإستراتيجيات غائبة والتدقيق الداخلي والخارجي لا اثر له واحياناً نصيغ الخطط العامة دون تنفيذ. فالمطلوب العمل بذكاء وليس بجهد في عالم اصبح كل شيء في متناول يديك فأنت لا تحتاج لصناعة العجلة من جديد ولكنك تحتاج للاهتمام بالتفاصيل الصغيرة التي تُحدث الفارق. علينا أن ندرس جيداً ملفات الجامعات التي تفوقت علينا وعلينا ان نهتم بالتدريس والبحث العلمي بأدواتٍ جديدة وعقول جديدة فما زالت الأدوات هي ذاتها التي لم تعد تصلح للأجيال القادمة. وانني أشجع الجميع لقراءة كتاب فيزياء المستقبل للعالِم ميتشو كاكو – وهو صاحب كتاب فيزياء المستحيل - والذي قابل 300 حاصل على جائزة نوبل لتأليف هذا الكتاب والنتيجة اننا في العقود القادمة سنرى كم ستتسع المسافة بيننا وبين العالم المتقدم, ليس بسبب نقص العقول ولكن بسب نقص المهارة الإدارية والإنتماء الحقيقي المكتسب وليس الفطري. علينا أن نتفق مرة واحدة على الطريقة الفضلى والشخص الأفضل والابتعاد عن خيار الصفر وهو ما تكسبه أنت خسارة لي.
معايير التصنيف العربي العالمي:
لقد شارك مئات الاكاديميين العرب في صياغة معايير التصنيف التسع وهي: 30% للسمعة الاكاديمية عالمياً و20% لرأي اصحاب العمل في مستوى الخريجين, و20% لنسبة طالب لمدرس و5% لعدد المدرسين من حملة الدكتوراة و5% لعدد الابحاث المنشورة لكل عضو هيئة تدريسية في محرك بحث scopus و5% للاستشهاد في الابحاث المنشورة حسب محرك بحث scopus أيضاً و 2,5% لنسبة الطلبة الأجانب و2,5% لنسبة المدرسين الأجانب و10% للترتيب في ويبوميتريكس. قد نختلف او نتفق على هذه المعايير ولكنها اصبحت واقعاً ومن معرفتي في الجامعات الحكومية والخاصة الأردنية فإنني وعلى سبيل المثال أرى أن لجامعة الاميرة سمية فرصة كبيرة لتتفوق على الجامعات العربية الخاصة والحكومية في العام القادم وأرى كذلك أنه لا يوجد أي مبرر لأي جامعة حكومية إن لم تنافس بقوة على المواقع الاولى عربياً