أنتظرك أيها السيد!

 

انتظرتك ولم تأت.. تذكرت سواد أيامي لتطهّرها ببياضك أيها السيد، وأحنيت أشجاري لهيبتك.. لكنك تأخرت هذه المرة..

 

رفعت رأسي إلى السماء أناجي الله أن تأتي سريعا، وتخطفني معك بعد رحلة طويلة تشقها حتى تصل إليّ.. لكنك عاندتني أيضا هذه المرة..

 

عدت وأنا أستعد لرؤيتك الباهرة، سنينا إلى الوراء.. وإلى عالم موشح بالأحلام الطفولية والبراءة..

 

ابتسمت.. ووقفت أترقب أن تقرع بأناملك الساحرة نوافذي.. وأن تضرب برقتك أرض روحي.. وأن تنقش لوحات فنية متوازية على أطياف قلبي..

 

أغمضت عينيّ.. واستعدت وأنا انتظرك كل ما هو جميل، بمشاعر لا يثيرها إلا حضورك الخاطف وكبرياؤك المدهش.. وسرحت بسحابة روحك البيضاء والناصعة والشفافة، وتخيلت طلتك عليّ من دون استئذان..

 

صرت أبوح بكلام خاص كان يدور بيننا فقط.. حينما كنت مستمعا حنونا.. تسمح لي أن أقول كل ما يدور في خاطري وتفرد لي بساطك الواسع لتدلني على الطريق الذي تختاره لي..

 

انتظرتك حتى استعيد معك مفردات استثنائية لا أجدها إلا بين ثنايا وجودك.. ولا تزدهي إلا بهالتك العظيمة.. مفردات دافئة تخضّ روحي كانت تتشكل بحضورك الباهر فقط.

 

طال ابتعادك.. وطال سكونك.. ولم تعد كما وعدتني في آخر لقاء كان بيننا.. نسيت موعدنا.. وجعلت الأيام نسخة واحدة لا تختلف عن بعضها..

 

أخاف أنك تختبر مدى قدرتي على الانتظار.. ألأنني وعدتك بأن أحمل لك ذات المشاعر في كل مرة أكون فيها معك وأنت تعبر شواطئ قلبي، أو لأنني قطعت وعدا على نفسي بأن أبقى صامدة مهما طال نأيك عني؟!..

 

هل تأخرت عليّ لأنك تعلم أن ذكرياتك الجميلة توقظ الشغف والفرح في قلبي، وتشعل لحظات الأمل والحزن الشفاف في روحي؟!

 

افتقدتك كما لم يفتقدك غيري.. ربما لأن غيري أصيبوا بتصحر في مشاعرهم، ولم تستطع أنت أن تبلل حقولهم اليابسة بندفك المشاكس، كما كنت معي..

 

متى ستعود لأستعيد معك شقاوتي..؟ متى ستكف عن هجرك المفاجئ..؟ متى سأخطف طيف ألوانك الزاهية..؟

 

لقد سئمت الانتظار الذي لا يأتي.. كم هو مؤلم.. وأنت تعد نفسك للقاء تهيأت له طويلا لكي ينقلك لعالم مختلف لا يشبه شيئا إلا هو..

 

لكنك لست الوحيد الذي انتظرت ولم يأت.. فقائمة الانتظارات التي خيبت آمالي وعاندت أحلامي وحاربت اصراري كثيرة..

 

أشياء كثيرة لم تكن كريمة معنا.. وبقيت معلقة في سجن الأحلام.. ولم تشعر بحاجتنا وانتظارنا لها..وضيقت علينا مساحة الأمل..

 

ربما هو (الحظ السيئ)، الذي أغلق الستائر في وجوهنا وحاصر مساحة الأمنيات في دواخلنا.. وجعلنا نكتشف كم كانت خسارتنا مدوية..

 

غير أنني ما أزال على ثقة بأنك أنت وحدك الذي لن يخذلني مرة أخرى أيها الثلج!!