ليلة تفجيرات عمان
حين أسترجع ذكرى تفجيرات عمان أستذكر أنني كنت مدعوا ذلك المساء لتناول طعام العشاء، وفي حوالي الساعة الخامسة والنصف مساءً تلقيت اتصالاً هاتفيا من سكرتير المعزب بأن الموعد سيكون في مطعم كائن بأم أذينة.
لم تكد جلستنا تبدأ، وقبل أن ينزل طعام العشاء، تناهت إلى أسماعنا أصوات الانفجارات تدوي في سماء عمان، فبادرت وبادر الجالسون للاتصال والاستفسار عما يحدث، وكان الجواب الذي تلقيناه أسود، وأبعد ما يكون عما قد يتبادر الى أذهاننا.. فالتفجيرات ضربت فنادق الديز إن والراديسون ساس وحياة عمان. عندها انتفض المعزب قائلا: والله لقد أرسلت السكرتير ليحجز لنا في فندق حياة عمان، لكنه لم يجد مكاناً.
شكرنا الله أن المعزب لم يجد مكاناً ولم يحجز لنا في حياة عمان! الذي استشهد فيه العديد من الرواد، ومن أبرزهم طيب الذكر المخرج مصطفى العقاد، كما رثينا لحال الضحايا.
لا يمكن وصف تلك الليلة التي لم تمر سريعا في حياة أهل عمان، بل كان لها وطأة ثقيلة ظلت في صدورنا حتى اليوم. وما زلت أذكر صور الضحايا الذين استهدفوا بدم بارد وفكر ظلامي أعمى حتى أقصى الحدود، ومشهد ذويهم وهم يبكون بعيون زائغة.. تبحث عن يقين.
ولأننا نذكر تلك الليلة، نسأل الله اولا أن يجنبنا أمثلة لها، ونشد على ايدي الاجهزة الامنية التي تسهر الليل لكي ننعم بالأمان.
في اليوم التالي خيم الوجوم على عمان، على العيون والقلوب، بل كان يمكن ملاحظة أن الشحوب اعترى المدينة التي تصخب نهاراً.. والأسى، فالجريمة لا يمكن تبريرها إلا باعتبارها إرهابا أعمى، والضحايا كانوا أبرياء بكل ما في الكلمة من معنى.
المسيرات المنددة بالجريمة في الأيام التي تلت كانت تعبر عن كل الأردنيين، الذين تساءلوا: لماذا نحن؟. وكانت الاجابة أن الارهاب لا يستثني أحداً. وحفظ الله الأردن.