هل سينعكس انخفاض أسعار البترول على مستويات أسعار ؟


اخبار البلد - الدكتور سامر الرجوب


ان الجميع  يترقب حدوث انخفاض سريع وكبير على مستوى اسعار المواد الاستهلاكية والاستثمارية وأسعار مدخلات الإنتاج الأمر الذي سيؤدي الى تخفيض تكاليف الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري ويعود بنا  الى مستويات أسعار معقولة ,  لكن هل فعلا سيحدث ذلك ؟

لا أعتقد أن الأسعار ستنخفض بسهولة ,  وذلك لأنها عندما ترتفع تكون منيعة عن النزول وخصوصا في الفترات القريبة  كما أن ميكانيكية حركة الأسعار تجعلها سهلة الارتفاع  وصعبة الانخفاض لما يترتب على ارتفاعها مزيد من فرص اكبر لتحقيق الأرباح  ويترافق معها ايضا ارتفاع أسعار المدخلات  وتكاليف النقل وأرباح الموزع والضرائب الحكومية والرسوم التجارية التي تتدخل في تسعيرها .

إن الارتفاع الذي حصل على مستوى الأسعار العام  كان عالميا بسبب ارتفاع أسعار جميع مدخلات الإنتاج  والتكاليف المصاحبة لها  بفعل ارتفاع أسعار البترول وقد تفاعلنا في الأردن معه مثلما تفاعلت معظم الدول التي تعتمد على الاستيراد وانعكس في النهاية على ارتفاع مستوى اسعار كل شيء.

وهنا وجب التمييز بين اسعار السلع الاستهلاكية وأسعار السلع الاستثمارية  فهناك فرق واضح في تفاعل أي منها مع اسعار البترول ,  فالسلع الاستهلاكية ذات قابلية  أكبر  للانخفاض منها الاستثمارية ,  فالسلع الاستهلاكية يمكن أن تنخفض في السنوات القادمة  إذا ما استمرت أسعار البترول في الانخفاض أو ثبتت عند مستواها الحالي  والسبب في أخذها عدة سنوات حتى  تنخفض هو  ان الشركات المصنعة ستحتاج الى فترة من الزمن حتى تستطيع تعديل أسعار المدخلات وخصوصا  أسعار العنصر البشري  وبما أن الأردن يستورد أكثر من 95% من احتياجاته من الخارج سيتوجب على الجميع انتظار الدول المصدرة لكي تخفض أسعار سلعها .

وعلى المستوى المحلي فإن  جزءا من ارتفاع الأسعار كان بسبب زيادة الضرائب وفرض الجديد منها الذي لجأت إليه الحكومة  ومثل هذه الضرائب تحتاج الى فترات طويلة لتخفيضها أو إلغاء بعضها.

أما فيما يخص أسعار السلع الاستثمارية فإن عملية انخفاض أسعارها ستكون صعبة للغاية او غير ممكنة لأن مالكها  يعتبرها استثمارا وطبيعة الاستثمار هو «الزيادة في  القيمة» وخصوصا أن الكثير منها يعتمد على تكاليف التمويل البنكي الذي يتصف حالياً  بالارتفاع.

إن ارتفاع أسعار الفائدة الحالي سيساهم بشكل أساسي في منع أسعار السلع الاستثمارية من النزول  لا وبل سيتسبب في  ارتفاعها المستمر وإذا افترضنا أن أسعار البترول ستنخفض مجددا أو ستبقى عند مستواها الحالي فإن ذلك يعني مزيدا من القوة للدولار الأمريكي  والدينار المرتبط معه وهذه العملية المتشابكة ستكون أداة ضغط على البنوك في المستقبل لتخفيض نسب أرباحها .

 لذا إذا تفاعلت البنوك  في السنوات القادمة مع الاتجاه المنحدر للبترول  من خلال تخفيض أسعار فوائدها فيمكن ان يتسبب ذلك في انخفاض اسعار السلع الاستثمارية مثل اسعار العقارات والات النقل المختلفة ومختلف السلع المعمرة .

إن اجتماع جميع هذه العوامل يجعل من الصعب بمكان حدوث انخفاض سريع  للأسعار في الفترات القريبة وستأخذ سنوات حتى تتعدل.