دعم هيئة مكافحة الفساد

عندما يقوم جلالة الملك بزيارة هيئة مكافحة الفساد ويعلن بالصوت العالي أن لا أحد فوق القانون مهما كان وزنه حتى موظفي الديوان الملكي فإن ذلك يعني أن جلالته يدعم هذه الهيئة دعما كاملا وأن الفساد يجب أن يجتث من جذوره وأنه لا مكان لفاسد بين ظهرانينينا.

 

إذن من المفروض أن هيئة مكافحة الفساد من أهم مؤسساتنا الوطنية لأنها وجدت من أجل مكافحة الفساد والفاسدين وتحويل كل الذين يأخذون المال العام بدون وجه حق ويضعونه في جيوبهم إلى القضاء ليقول كلمته العادلة فيهم.

 

بعد زيارة جلالة الملك لهذه الهيئة فإن ذلك يعطي الضوء الأخضر للحكومة كي تدعم هذه الهيئة وأن توفر لها كل ما تحتاجه من كوادر وظيفية حتى تستطيع القيام بعملها على الوجه الأكمل لأنه بدون تلك الكوادر المطلوبة لا تستطيع التعامل مع ملفات الفساد المحولة لها كما يجب أن تتعامل.

 

لقد سمعنا رئيس هذه الهيئة السيد سميح بينو يشكو بمرارة من أن هيئته لا يوجد فيها قسم للترجمة وتحدث عن ملف شركة موارد الذي يجري التحقيق فيه الآن وقال إن هذا الملف يتكون من عشرات الآلاف من الصفحات المكتوبة باللغة الإنجليزية وإذا ما أريد ترجمته في أحد مكاتب الترجمة الخاصة فإن الصفحة الواحدة تكلف خمسة عشر دينارا وأضاف أيضا أن هيئة مكافحة الفساد لا يوجد بها محلل مالي واقتصادي ليشارك في التحقيقات الخاصة بملفات الفساد.

 

إن التعامل مع ملفات القضايا التي فيها شبهة فساد يجب أن يتم بشكل صحيح لا يقبل التأويل حتى لا نظلم أحدا لأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته وهذا يتطلب منتهى الدقة والشفافية لذلك فإن الإجتهاد في هذه المسألة مرفوض شكلا ومضمونا لهذا يجب أن يكون هناك جهاز فني مؤهل مساند للجهاز الإداري لكي يكون قادرا على التعامل مع المسائل الفنية ومع بعض الإشكالات التي لا يستطيع الجهاز الإداري التعامل معها وحتى تكون لائحة الاتهام موثقة مئة بالمئة وهذا العمل المتكامل يريح الجهاز القضائي عندما تحول له الملفات وهي مستكملة لكل الأمور الفنية والإدارية.

 

هذه ناحية أما الناحية الأهم فهي ضرورة تعديل قانون هذه الهيئة بحيث تكون تابعة لمجلس النواب وليس لرئيس الوزراء كما هو الحال الآن لأن رئيس الوزراء هو رئيس السلطة التنفيذية ومعظم ملفات الفساد التي تحول لهذه الهيئة هي ملفات موظفين وعاملين تابعين للسلطة التنفيذية لذلك يجب ألا تكون هيئة مكافحة الفساد تابعة لهذه السلطة بل للسلطة التشريعية والرقابية التي مهمتها مراقبة أداء السلطة التنفيذية.

 

لا يمكن لهذه الهيئة أن تقوم بإنجاز ما هو مطلوب منها بدون أن ندعمها بالكوادر المؤهلة فعمل هذه المؤسسة عمل كبير ودقيق ويتطلب درجة عالية من المسؤولية والشفافية في التعامل مع ملفات الفساد حتى لا يظلم أحد وحتى نضع الأمور في نصابها الصحيح.

 

لقد تعهدت الحكومة الحالية بمكافحة الفساد وتحويل كل الملفات التي يوجد بها شبهة فساد إلى هذه الهيئة وقد حولت بالفعل بعض هذه الملفات وبعضها فيه قضايا شائكة تحتاج إلى عمل دؤوب وشاق حتى يتم تفصيلها وتحليلها بالشكل الصحيح والتعامل معها على أسس صحيحة لذلك يجب دعم هذه الهيئة بكل الكوادر اللازمة.