مصر الجديدة ... !!!

 

الشغل الشاغل للكياني الصهيوني والدول الغربية خلال الثورة الشعبية في مصر بعد تنحي مبارك كان مدى التزام القيادة المصرية الجديدة باتفاقية كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني ... لأن عدم التزام مصر بذلك ينهي نحو ربع قرن من الصداقة بين الجانبين وانعكاسات ذلك على الاوضاع الاقليمية والدولية ...

 

وبعد ان اعلن المجلس العسكري الاعلى التزامه بالاتفاقيات الدولية والاقليمية زال التوتر والقلق وشعرت القيادتان الامريكية والاسرائيلية بفرحة غامرة نرجو ان لا تدوم طويلا ... لأن صلاحيات المجلس العسكري الاعلى لن تتجاوز ٦ أشهر حيث يسلم السلطة بعدها لحكومة مدنية بعد اجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.

 

 

 

ما شهدته مصر خلال الفترة القصيرة من عمر ثورة ٢٥ يناير «كانون الثاني» ينبئ بأن الكيان الصهيوني سيعيش في حالة توتر دائمة وقلق على مصيره وأمنه واستمرار كيانه في ضوء التغيرات الجوهرية التي ستحدثها الثورة ... صحيح ان كامب ديفيد «لا تزال قائمة وان حالة الحرب بانواعها لم تعلن وان المتظاهرين في ميدان التحرير وغيرها من الساحات الرئيسية في المدن المصرية لم يطالبوا بذلك علنا ... لأن مطالبهم وهتافاتهم اقتصرت على رحيل الرئيس المخلوع والحكومة التي شكلها في آواخر ايامه والغاء قانون الطوارئ ومحاكمة رموز النظام السابق وحزبه الحاكم واعادة الاموال التي هربها المتنفذون واللصوص الى الخارج باقامة نظام ديمقراطي يضمن الحريات العامة والاعلامية ويكفل التعددية السياسية وتداول السلطة وتقوية الاحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وتفعيل دورها ...

 

علاوة على ان اتخاذ قرار سيادي على هذا المستوى لا يتخذ من قبل مجلس عسكري او حكومة مؤقتة وانما من قبل حكومة دائمة تنتخب من الشعب ... وهو الامر الذي يستغرق نحو ٦ اشهر لاتخاذ الاجراءات الكفيلة باجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية على حد سواء ... عندها سيقول الشعب كلمته من خلال ممثليه في البرلمان وحكومة الاغلبية ...

 

واذا كان نظام مبارك الذي هيمن على السلطة وسيطر على الحكومة والبرلمان بشقيه مجلسي الشورى والشعب من خلال الحزب الحاكم واحتكر بالتالي القرار السيادي وجعله رهينة بموافقة الكيان الصهيوني والادارة الامريكية ... ما ادى الى ارتهان مصر وشعبها وقوتها للقرار الاسرائيلي ... فان القرار الذي ستتخذه الثورة من خلال رئيسها وحكومتها وبرلمانها والجميع منتخب من الشعب سيكون مستقلا معبرا عن ارادة الشعب المصري الذي لم يكن يوما الا مدافعا عن الأمة العربية ومنافحا عن قضاياها العادلة وداعيا الى وحدتها الشاملة ..

 

فالانتخابات القادمة لن يسمح الشعب المصري وثوار ٢٥ يناير «كانون الثاني» بتزويرها على غرار الانتخابات السابقة والرئيس المصري الجديد لن تتجاوز فترة ولايته ٨ سنوات وليس كسابقه الذي هيمن على مصر ارضا وشعبا ومقدرات ٣٠ عاما وكان من الممكن ان يستمر حتى وفاته لولا ثورة الشباب في الخامس والعشرين من يناير ... وبالتالي فان الرئيس واعضاء البرلمان بمجلسيه سيمثلون المطالب الشعبية ويعبرون عن نبض الشارع ومختلف الاحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني بالاضافة الى «شباب الثورة» الذين اتخذوا من ميدان التحرير بوسط القاهرة مقرا دائما لهم على مدار الليل والنهار حتى رحل مبارك واركان حكمه ...

 

ولنتخيل البرلمان المصري الجديد بشقيه الذي سيضم ممثلين لاحزاب المعارضة وفي مقدمتها حزب الوفد والغد وحركة كفاية وجماعة الاخوان المسلمين والنقابات المهنية، «وشباب الثورة» كيف سيكون موقفه من الكيان الصهيوني الغاصب لارض فلسطين والذي كبل مصر في العهد السابق بقيود كامب ديفيد واغلالها ؟!!