قراءة في خطاب العرش الغير عادي : الملك يدعو للمواطنة ويبتعد عن جملته الشهيرة
أخبار البلد -
لا زال يتفاعل صدى خطاب الملك الهاشمي عبد الله الثاني الذي وصفه الخبير في الشؤون البرلمانية وليد حسني بـ”الخطير”، في الأوساط الأردنية، إذ لم تعتبره أي جهة عادي، خصوصا وقد جاءت في سياقه مفردات وجمل تنبئ بـ”إعلان الحرب” حينا، وباستعادة عصر "قيادة الأردن للمنطقة”، من جهة أخرى.
فالملك عبد الله الثاني، إذ يستخدم عبارة والده الملك الحسين، في حديثه عن الجيش الأردني باعتباره "الجيش العربي المصطفوي”، اعاد للأردنيين الريادة عبر شرعيتيّ العروبة والمحمديّة (الاسلام).
إعلان الحرب على الارهاب، لم يكن مبطّنا هذه المرة أيضا فالملك الهاشمي قرر بصورة مباشرة أن يعلن، ما لا يستطيع غيره إعلانه دستوريا، بقوله في سياق الحديث عن التشدد الديني، "الحرب على التنظيمات الإرهابية وعلى الفكر المتطرف هي حربنا، فنحن مستهدفون، ولابد لنا من الدفاع عن أنفسنا وعن الإسلام وقيم التسامح والاعتدال ومحاربة التطرف والإرهاب، وإن كل من يؤيد هذا الفكر التكفيري المتطرف أو يحاول تبريره هو عدو للإسلام وعدوٌ للوطن وكل القيم الإنسانية النبيلة”.
الأمر الذي سيظل مظلة لأي "حرب” تخوضها الأردن لاحقا، وهو ما قد يفسّر على أن عمان بدأت فعلا استخدام مواردها العسكرية في سياق الحروب المجاورة خصوصا والمك عبد الله قال حقا إن الجيش "العربي المصطفوي، ورفاقه في الأجهزة الأمنية كما كان على الدوام، مستعد للتصدي لكل ما يمكن أن يهدد أمننا الوطني، أو أمن أشقائنا في الجوار. فالأمن العربي كل لا يتجزأ”.
ولم يغفل الملك الحديث عن فلسطين والمقدسات في بيت المقدس معتبرا القضية في عمق ضمير الاردنيين.
على صعيد آخر، تحدث الملك مجددا عن "الوحدة الوطنية”، وأهميتها بقوله إن الأردن "سيبقى كما كان على الدوام نموذجا في العيش المشترك والتراحم والتكافل بين جميع أبنائه وبناته مسلمين ومسيحيين، وملاذا لمن يطلب العون من أشقائنا، ومدافعا عن الحق، ولا يتردد في مواجهة التطرف والتعصب والإرهاب الأعمى”.
حديث الملك عن كون الوحدة الوطنية تتضمن "مسلمين ومسيحيين” بدت كمن أغفل عن قصد الحديث عن "الاصول والمنابت”، الأمر الذي يقرأ بسياقين، أولهما تطمين داخلي وخارجي للمسيحيين الذي باتوا "بصورة أو ثانية” مستهدفين في الإقليم، السياق الثاني، له علاقة بمنابت كثيرة وردت الأردن في الايام الاخيرة، وفي تكرار الحديث عن الموضوع في الاعوام الاخيرة.
السياق الأهم بما يتعلق بإذابة "الأوصول والمنابت” الاردنية، يقرأه الخطاب ذاته، إذ تحدث رأس الدولة عن خارطة طريق للمواطنة التي على أساسها يقيّم أفراد الشعوب في البلاد المتقدمة، بحديثه عن كون "ممارسات المواطنة الفاعلة”، تعدّ مصدر منعة الأردن، وجبهته الداخلية القوية، مضيفا أن "الحوار واحترام القانون هو السبيل الوحيد للوصول إلى أعلى درجات التوافق الوطني تجاه قضايانا الوطنية”.
ومن المعروف أن ملك الأردن لطالما تحدث عن التآخي بين الاردنيين من "شتى الاصول والمنابت”، كنوع من تطمين الاردنيين من الاصول الفلسطينية والشركسية والشيشانية وغيرها عن كونهم ليسوا اقليات "مهضومة الحق”.
وأكد الملك، في خطاب العرش السامي الذي افتتح به الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة السابع عشر، "إن المناخ الـمتقدم من الحريات والمشاركة السياسية والمجتمعية التي يمتاز بها الأردن رغم وجوده في إقليم ملتهب، هي حصيلة مكتسبات الأمن والاستقرار الذي ضحّى في سبيله رفاق السلاح في قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية”.
وتحدث مليك البلاد عن الجوانب الاقتصادية والسياسية التي تحتاج لمعالجة في الدولة، الامر الذي تحدث عنه الخبراء باعتبار السياسة طغت عليه الى جانب الاصلاحات الدستورية، في حين لا زال الاصلاح الاقتصادي بحاجة للكثير من العمل لإنجاز ما تحدث به الملك عن مشاركة القطاع الخاص وغيرها من القضايا المحلية