خاطرة أردنية من ألمانيا
يتحدث الجميع عن تطوير التعليم الأساسي والعالي في المملكة الأردنية الهاشمية وهناك وجهات نظر متنوعة في تشخيص الواقع بهدف استشراف المستقبل ووضع الحلول من أجل التغيير، وهناك من يضع التجربة الماليزية والإيرلندية والألمانية والبعض يتحدث عن أهمية تجارب جديدة تلبي احتياجاته وتتغلب على تحدياته، وفي الحقيقة أن كل ما يُقال صحيح والأمر يحتاج ضرورة العمل على تمكين العملية التعليمية التعلمية وتطويرها حتى نلحق ولو قليلاً بسائر الدول المتقدمة.
وفي زيارتي الأخيرة إلى جمهورية ألمانيا برفقة عدد من شخصيات التعليم المرموقة كالدكتور سلطان أبو عرابي والدكتور نبيل شواقفة والدكتور نظير أبو عبيد والدكتور شتيوي العبدالله والتي استمرت لعدة أيام لحضور المؤتمر الأول الخاص بشبكة الجامعات الأردنية الألمانية في مدينة كمنتز، والذي استضافته جامعة كمنتز التطبيقية لتعزيز أواصر التعاون بين الجامعات الأردنية والألمانية في مجال التبادل العلمي والثقافي والاجتماعي، وفتح آفاق جديدة للطلبة الراغبين في استكمال دراستهم في جمهورية ألمانيا بدعم من الحكومة الألمانية أو على حسابهم الشخصي علماًَ أن الرسوم الجامعية تكاد تكون معدومة في الجامعات الرسمية الألمانية.
وحقيقة الأمر أن موضوع التعاون مع الجامعات الخارجية هو أمر حيوي وضروري للجامعات الأردنية والتعاون بشكل خاص مع الجامعات الألمانية له ميزة إيجابية خاصة للتقدم الواضح التي وصلت إليه الجامعات كاملة وخصوصاً في مجال البحث العلمي بعامة والبحث التطبيقي بخاصة لخدمة قطاعات المجتمع المختلفة الصناعية منها والتجارية والأعمال وغيرها.
وكان للقاء أثر طيب وانطباع صورة جميلة وحضارية للتفوق العلمي والتكنولوجي الذي وصلت إليه الجامعات الألمانية.
فقد شاهدنا المختبرات المجهزة بأحدث الأدوات والأجهزة التكنولوجية الحديثة التي تعمل لخدمة المجتمع وتلبي احتياجاته، وقد يكاد يكون معدوماً أن يجري بحث علمي لمجرد المتعة بقدر ما هو موجه لتحقيق أهداف واضحة ومحددة مسبقاً.
كما لاحظنا الاهتمام بالتعليم التطبيقي والتقني من خلال عدد الجامعات التطبيقية والتقنية الكبير والتخصصات المطروحة وأعداد الطلبة المسجلين في هذه البرامج والجهود المبذولة منذ التعليم الأساسي في توجيه الطلبة لهذه الدراسات. كما اطّلعنا على حجم التمويل المادي للأبحاث سواء المقدم مباشرة من الجامعة أم من الحكومة أو من القطاع المستفيد من الأبحاث كالمصانع وغيرها.
وعليه فمن الضروري التأكيد على أهمية التخصصات المطروحة في الجامعات وموائمتها لاحتياجات المجتمع سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص وتشجيع التعليم التطبيقي المرتبط أيضاً باحتياجات المجتمع سواء أكان ذلك في الصناعة أم التجارة أم القطاعات الأخرى، والترشيد بالتخصصات الإنسانية (على أهميتها).
كما لابد من إصدار تشريعات من قبل إدارة التعليم العالي في المملكة الأردنية الهاشمية تشجع على البدء في مثل هذه التخصصات والسماح لترخيص جامعات تطبيقية متخصصة.
وقد اتخذنا قراراً في جامعة الشرق الأوسط بتحويل بعض التخصصات إلى تطبيقية مثل كلية العمارة والتصميم بالإضافة إلى طرح تخصصات جديدة مثل الطاقة المتجددة لتلبية احتياجات السوق وتخصصات مستقبلية لها الطابع التطبيقي.
وفي اعتقادي حتى تنجح التجربة الأردنية لابد من توافر الإرادة على جميع المستويات لدعم هذه الجامعات وتقديم العون المعنوي والمادي لها.
وقبل كل ذلك لابد من الاطلاع الواقعي على التجربة الألمانية ودراستها وهضمها حتى نستطيع نقلها إلى جامعتنا بطريقة سليمة وليست مختزلة.
*رئيس جامعة الشرق الأوسط